وله أسباب:
أحدهما: التنظير: فإن إلحاق النظير بالنظير من شأن العقلاء، كقوله تعالى: ﴿كما أخرجك ربك من بيتك بالحق﴾ عقب قوله: ﴿أولئك هم المؤمنون حقا﴾ [الأنفال: ٤ - ٥]؛ فإنه تعالى أمر رسوله أن يمضي لأمره في الغنائم على كره من أصحابه، كما مضى لأمره في خروجه من بيته لطلب العير أو للقتال وهم له كارهون، والقصد أن كراهتهم لما فعله من قسمة الغنائم ككراهتهم للخروج، وقد تبين في الخروج الخير من الظفر والنصر والغنيمة وعز الإسلام، وكذا يكون فيما فعله في القسمة، فليطيعوا ما أمروا به ويتركوا هوى أنفسهم.
الثاني: المضادة، كقوله تعالى في سورة (البقرة): ﴿إن الذين كفروا سواء عليهم.... ﴾ الآية [البقرة: ٦]، فإن أول السورة كان حديثًا عن القرآن، وأن من شأنه الهداية للقوم الموصوفين بالإيمان، فلما أكمل وصف المؤمنين عقب بحديث الكافرين، فينهما جامع [وهمي] [ويسمى] بالتضاد من هذا الوجه، وحكمته التشويق والثبوت على الأول كما قيل: وبضدها نتبين الأشياء.