وفي آخر بحرف آخر، أو مدغمًا وفي آخر مفكوكًا، وهذا النوع يتداخل مع نوع المناسبات.
وهذه أمثلة منه بتوجيهاتها:
قوله تعالى في (البقرة): ﴿هدى للمتقين﴾ [٢]، وفي (لقمان): ﴿هدى ورحمة للمحسنين... ﴾ [٣]؛ لأنه لما ذكر هنا مجموع الإيمان ناسب ﴿المتقين﴾، ولما ذكر ثم الرحمة ناسب ﴿المحسنين﴾.
قوله تعالى: ﴿وقلنا يا أدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا﴾ [البقرة: ٣٥]، وفي (الأعراف): ﴿فكلا﴾ [١٩] بالفاء، قيل: لأن السكنى في (البقرة) الإقامة، وفي (الأعراف) اتخاذ المسكن فلما نسب القول إليه تعالى: ﴿وقلنا يا أدم﴾ ناسب زيادة الإكرام بالواو الدالة على الجمع بين السكنى والأكل، ولذا قال [فيه]: ﴿رغدًا﴾: ﴿حيث شئتما﴾؛ لأنه أعم وفي (الأعراف): ﴿يا أدم﴾ فأتى بالفاء الدالة على ترتيب الأكل على السكنى المأمور باتخاذها؛ لأن الأكل بعد الاتخاذ و ﴿من حيث﴾ لا تعطي عموم معنى: ﴿حيث شئتما﴾.
قوله تعالى: ﴿واتقوا يومًا لا تجزي نفس عن نفسٍ شيئًا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل﴾ [البقرة: ٤٨]، وقال بعد ذلك: ﴿ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة﴾ [البقرة: ١٢٣] ففيه تقديم العدل وتأخره، والتعبير بقبول الشفاعة تارة وبالنفع أخرى، و [ذكر] في حكمته أن الضمير في «منها» راجع في [الأولى] إلى النفس الأولى، وفي [الثانية] إلى النفس الثانية، فبين في الأولى أن النفس الشافعة الجازية عن غيرها لا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل، وقدمت الشفاعة لأن الشافع [يقدم الشفاعة على العدل]، وبين في الثانية أن النفس المطلوبة بجرمها لا يقبل منها عدل عن نفسها، ولا تنفعها شفاعة شافع منها، وقدم العدل لأن الحاجة إلى الشفاعة إنما تكون عند رده.