وقال في حق الجدار ﴿فأراد ربك﴾ لكونه غير مخض وإصلاح ليس فيه فساد، فنسبه إلى جناب الرب لأن الأدب ينبغي كذلك.
فغن قلت: لما قال إبراهيم عليه السلام: ﴿الذي خلقني فهو يهدين * والذي هو يطعمني ويسقين﴾ [الشعراء: ٧٩]، ثم قال: ﴿وإذا مرضت فهو يشفين﴾ [الشعراء: ٨٠]؟.
الجواب: هو من باب الأدب مع الله تعالى، وتنزيه جناب الرب عن نسبة الضرر إليه في اللفظ، وإن كان يجب على المؤمن اعتقاد أن الخير والشر والضر والنفع كل من عند الله تعالى.
فإن قلت: لم قال بعد: ﴿والذي يميتني﴾ [الشعراء: ٨]، فنسب الإماتة إلى الله تعالى وهي إعدام؟ الجواب: أنها وإن كانت إعدامًا لكنها راحة المؤمن وسبب إلى لقاء الله تعالى، فكانت نعمة لا نقمة.
ما فائدة ﴿وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه﴾ [القصص: ٧] مع أنها ترضعه بالطبع؟.
الجواب: لو لم يوح الله إليها ربما استأجرت له من يرضعه (فلا يألف) برضاعها فيفوت الأمر المطلوب، وهو أن لا يقبل ثدي امرأة غيرها فترضعه في دار فرعون.
فإن قلت: ما معنى: [﴿فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي﴾] [القصص: ٧].
الجواب: وإذا خفت عليه القتل فألقيه في اليم ولا تخافي عليه الغرق.
فإن قلت: كيف قال سليمان عليه السلام: ﴿وهب لي ملكًا لا ينبغي لأحدٍ من بعدي﴾ [ص: ٣٥] «مع أنه شبه الحسد؟ ».


الصفحة التالية
Icon