لفرط ذكاهم، وكمال أفهامهم، ولأن هذه الشريعة لما كانت باقية على صفحات الدهر إلى يوم القيامة، خضت بالمعجزة العقلية الباقية؛ ليراها [ذوو البصائر]، كما قال صلى الله عليه وسلم: «ما من الأنبياء نبي إلا أعطي ما مثله آمن عليه البشر؛ وإنما كان الذي أوتيته وحيًا أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعًا». أخرجه البخاري، قيل: إن معناه أن معجزات الأنبياء انقرضت بانقراض أعصارهم فلم يشاهدها إلا من حضرها، ومعجزة القرآن مستمرة إلى يوم القيامة، وخرقه العادة في أسلوبه وبلاغته، وإخباره بالمغيبات فلا يمر عصر من الأعصار إلا ويظهر فيه شيء مما أخبر به أنه سيكون؛ ويدل على صحة دعواه.
وقيل: المعنى أن المعجزات الماضية كانت حسية تشاهد بالأبصار كناقة صالح وعصا موسى، و [معجزة القرآن] تشاهد بالبصيرة فيكون من يتبعه لأجلها أكثر؛ لأن الذي يشاهد بعين الرأس ينقرض بانقراض مشاهده، والذي يشاهد بعين العقل باق، يشاهده كل من جاء بعد الأول مستمرًا.
قال في «فتح الباري»: ويمكن نظم القولين في كلام واحد؛ فإن محصلهما لا ينافي بعضه بعضًا).
ولا خلاف بين العقلاء، أن كتاب الله تعالى معجز لم يقدر [واحد] على معارضته بعد تحديهم بذلك، قال تعالى: {وإن أحد من المشركين استجارك