وقوله تعالى: ﴿الله الذي رفع السماوات بغير عمدٍ ترونها﴾ [الرعد: ٢] فإنها لا عمد لها أصلاً.
الثالث: قد ينفي الشيء رأساً لعدم كمال وصفه، أو انتفاء ثمرته، كقوله تعالى - في صفة أهل النار-: ﴿ثم لا يموت فيها ولا يحيى (١٣)﴾ [الأعلى: ١٣]، فنفي عنه الموت لأنه ليس بموت صريح، ونفي عنه الحياة؛ لأنها ليست بحياة طيبة ولا نافعة. وقوله تعالى: ﴿وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون﴾ [الأعراف: ١٩٨]؛ فإن المعتزلة احتجوا بها على نفي الرؤية؛ وأن النظر في قوله تعالى: ﴿إلى ربها ناظرة (٢٣) [القيامة: ٣٢] لا يستلزم الإبصار. ورد بأن المعنى: أنها تنظر إليه بإقبالها عليه، وليست تبصر شيئاً. وقوله تعالى: {ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الأخرة من خلاقٍ ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون﴾ [البقرة: ١٠٢]، فإنه وصفهم أولاً بالعلم على سبيل التوكيد القسمي، ثم نفاه آخراً عنهم لعدم جريهم على موجب العلم. قاله السكاكي.
الرابع: قالوا: المجاز يصح نفيه بخلاف الحقيقة، وأشكل على ذلك قوله تعالى: ﴿وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى﴾ [الأنفال: ١٧] فإن المنفي فيه هو الحقيقة. وأجيب: بأن المراد بالرمي هنا المترتب عليه؛ [وهو] وصوله إلى الكفار؛ فالوارد عليه النفي هنا مجاز لا حقيقة؛ والتقدير: وما رميت خلقاً إذ رميت كسباً، أو ما رميت انتهاء إذ رميت ابتداء.


الصفحة التالية
Icon