الخامس: نفي الاستطاعة، وقد يراد به نفي القدرة والإمكان، وقد يراد به نفي الامتناع، وقد يراد به الوقوع بمشقة وكلفة.
فمن الأول قوله تعالى: ﴿فلا يستطيعون توصيةً﴾ [يس: ٥٠] وقوله تعالى: ﴿فلا يستطيعون ردها﴾ [الأنبياء: ٤٠]، وقوله تعالى: ﴿وما استطاعوا له نقباً﴾ [الكهف: ٩٧].
ومن الثاني قوله تعالى: ﴿هل يستطيع ربك﴾ [المائدة: ١١٢]- على القرائتين - أي هل يفعل، أو هل يجبنا إلى أن نسأل؛ فقد علموا أن الله قادر على [الإنزال]، وأن عيسى قادر على السؤال.
ومن الثالث: قوله تعالى: ﴿إنك لن تستطيع معي صبراً﴾ [الكهف: ٦٧].
قاعدة:
نفي العام يدل على نفي الخاص، وثبوته لا يدل على ثبوته، وثبوت الخاص يدل على [ثبوت العام، ولا يدل نفيه على نفيه}. ولا شك أن زيادة المفهوم من اللفظ توجب الالتذاذ به، فلذلك كان نفي العام أحسن من نفي الخاص، وإثبات الخاص أحسن من إثبات العام. فالأول كقوله تعالى: ﴿فلما أضآءت ما حلوه ذهب الله بنورهم﴾ [البقرة: ١٧]، لم يقل «بضوئهم» بعد قوله: «أضاءت»؛ لأن النور أعم من الضوء، إذ يقال على القليل والكثير، وإنما يقال/ الضوء على النور الكثير، ولذلك قال الله تعالى: ﴿هو الذي جعل الشمس ضياءً والقمر نوراً﴾ [يونس: ٥] ففي الضوء دلالة على النور، فهو أخص منه، فعدمه يوجب عدم الضوء بخلاف العكس، والقصد إزالة النور عنهم أصلاً. ولذا قال عقبه: ﴿وتركهم في ظلماتٍ لا يبصرون﴾ [البقرة: ١٧].