الميثاق، جاءت بروق بصر الحسن، زهلت عين الفكر، خرس لسان الطبع، انقطعت أسباب الحواس، فرأى لسان حال موسى ﴿وخشعت الأصوات للرحمن﴾ [طه: ١٠٨]، قال المخبر عن صدق صلبه ﴿وخر موسى صعقًا﴾ [الأعراف: ١٤٣].
قيل: يا موسى معدة طبيعتك ضعيفة عن شراب تجلي أنيق، عينك ضيق عن مقابلة أنوار سبحات ﴿أرني أنظر إليك﴾ [الأعراف: ١٤٣]، تمكين الحدث لا تنفتح في شعاع شمس القدم، ورد النظر لا يطلع في شجر كانون هذا الكون، إنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا، خلعة النظر دخرة في خزائن الغيب كصاحب قاب قوسين، هذا الشرف لا يناله في الخلائق سوى سيد ولد آدم ويتيمة عقد البشر ﴿ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده﴾ [الأنعام: ١٥٢، والإسراء: ٣٤]، مات موسى عليه السلام بضرب سبق ﴿لن تراني﴾ [الأعراف: ١٤٣]، ثم حيي بروح فسوق وقام على قدم ﴿تبت إليك﴾ [الأعراف: ١٤٣]، فرقل في حلة ﴿إني اصطفيتك﴾ [الأعراف: ١٤٤]، رجع إلى أهله متبرقعًا ببرقع العبرة، أن ترآى نور تلك الآثار قالت له صفراء بنت شعيب عليه السلام: يا كليم الله قد اشتقت إلى نور وجهك فاكشف لي عن البرقع لأراه. قال لها: كيف أكشف وجهًا على ضجور الطور ببهجة نور تجلى، كيف أريك روضًا فاح طيبة من أرج، ﴿ولكن انظر إلى الجبل﴾ [الأعراف: ١٤٣] بقايا شرب، ﴿وكلمه ربه﴾ [الأعراف: ١٤٣] في كؤوس، وحياتي بسطوة هيبته ﴿جعله دكًا﴾ [الأعراف: ١٤٣] في لمحات أسارير وجهي.


الصفحة التالية
Icon