فقالت له: إن كنت صادقًا فاقرأ شيئًا من القرآن، فأنشدها بيت شعر، قاله ذكر الله فيه ورسوله وكتابه فصدقته، فلم ترزق من الرزق ما تفرق به بين كلام الخلق وكلام الحق.
وحكى لنا أستاذنا العلامة أبو جعفر -رحمه الله تعالى- عن بعض من كان له معرفة بالعلوم القديمة، ومعرفة كثير من العلوم الإسلامية، أنه كان يقول: يا أبا جعفر لا أدرك فرقًا بين القرآن وبين غيره من الكلام، فهذا الرجل وأمثاله من علماء المسلمين يكون من الطائفة الذين يقولون بأن الإعجاز وقع بالصرفة.
وكان بعض شيوخنا ممن له تحقق بالمعقول، وتصرف في كثير من المنقول، إذا أراد أن يكتب فقرأ فصيحة، أتى لبعض تلامذته وكلفه أن ينشئها له.
وكان بعض شيوخنا ممن له التبحر في علم لغة العرب إذا أسقط من بيت الشعر كلمة أو ربع البيت، وكان المعنى يتم بدون ما أسقط لا يدرك ما أسقط من ذلك، وأين هذا في الإدراك من آخر، إذا حركت له مسكنًا أو سمنت له محركًا أدرك ذلك بالطبع، وقال: إن هذا البيت مكسور ويدرك ذلك في أشعار العرب الفصحاء، إذا كان فيه زحاف ما، وإن كان جائزًا كثيرًا في كلام العرب، لكن يجد مثل هذا طبعه ينبو عنه، ويقلق لسماعه. هذا، وإن


الصفحة التالية
Icon