وإنما تعارضت الأدلة في المراد علم أنه قد اشتبه عليه، فيؤمن بمراد الله تعالى منها، ولا يتهجم على تعيينه وينزله منزلة المجمل قبل تفصيله، والمتشابه قبل تبينه.
[ومن شرطه: صحة المقصد] فيما يقول ليلقى التسديد، فقد قال تعالى: ﴿والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا﴾ [العنكبوت: ٦٩]. وإنما يخلص له القصد إذا زهد في الدنيا؛ لأنه إذا رغب فيها لم يؤمن أن يتوسل به إلى غرض يصده عن صواب قصده، ويفسد عليه صحة عمله.
وتمام هذه الشرائط أن يكون ممتلئًا من عدة الإعراب، لا يلتبس عليه اختلاف وجوه الكلام، فإنه إذا خرج بالبيان عن وضع اللسان، إما حقيقة أو مجازًا، فتأويله تعطيله. وقد رأيت بعضهم يفسر قوله تعالى: ﴿قل الله ثم ذرهم﴾ [الأنعام: ٩١] أنه ملازمة قول الله، ولم يدر الغبي أن هذه الجملة حذف منها الخبر، والتقدير ﴿الله أنزله﴾. انتهى كلام أبي طالب.
وقال ابن تيمية في كتاب ألفه في هذا النوع: يجب أن يعلم أن النبي ﷺ بين لأصحابه معاني القرآن، كما بين لهم ألفاظه؛ فقوله تعالى: ﴿لتبين للناس ما نزل إليهم﴾ [النحل: ٤٤] يتناول هذا وهذا.
وقد قال أبو عبد الرحمن السلمي: حدثنا الذين كانوا يقرؤون القرآن كعثمان بن عفان، وعبد الله بن مسعود، وغيرهما، أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي ﷺ عشر آيات، لم يتجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم


الصفحة التالية
Icon