ومن هنا اختلف الصحابة في معنى الآية، فأخذ كل برأيه على منتهى نظره. ولا يجوز تفسير القرآن بمجرد الرأي والاجتهاد من غير أصل، قال تعالى: ﴿ولا تقف ما ليس لك به علم﴾ [الإسراء: ٣٦]، وقال: ﴿وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون﴾ [البقرة: ١٦٩]، وقال: ﴿لتبين للناس ما نزل إليهم﴾ [النحل: ٤٤]. فأضاف البيان إليه. وقال صلى الله عليه وسلم: «من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ» أخرجه أبو داود [والترمذي والنسائي]، وقال: «من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار» أخرجه أبو داود]).
وقال البيهقي في الحديث الأول: إن صح [فإنما أراد]-والله أعلم- الرأي الذي يغلب من غير دليل قام عليه، وأما الذي يسنده برهان فالقول به جائز. وقال في «المدخل»: في هذا الحديث نظر، وإن صح فإنما أراد به -والله أعلم- فقد [أخطأ] الطريق، فسبيله أن يرجع في تفسير ألفاظه إلى أهل اللغة، وفي معرفة ناسخه ومنسوخه، وسبب نزوله، وما يحتاج فيه إلى بيانه إلى أخبار الصحابة الذين شاهدوا تنزيله، وأدوا إلينا من السنن ما يكون بيانًا لكتاب الله، قال تعالى: ﴿وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون﴾ [النحل: ٤٤]. فما ورد بيانه عن صاحب الشرع، ففيه