[والأرشق] من الكلام أمر لا يدرك إلا بالذوق، ولا يمكن إقامة الدليل عليه، وهو بمنزلة جاريتين [إحداهما] بيضاء مشربة بحمرة، دقيقة الشفتين، نقية الثغر، كحلاء العينين، أسيلة الخد، دقيقة الأنف، معتدلة القامة. والأخرى دونها في هذه الصفات والمحاسن، لكنها أحلى في العيون والقلوب منها، ولا يدري سبب ذلك، ولكنه يعرف بالذوق والمشاهدة، ولا يمكن تعليله وهكذا الكلام. نعم يبقى الفرق بين الوصفين، أن حسن الوجوه وملاحتها وتفضيل بعضها على بعض يدرك كل من له عين صحيحة، وأما الكلام فلا يدرك إلا بالذوق، وليس كل من اشتغل بالنحو، واللغة، والفقه يكون من أهل الذوق، وممن يصلح لانتقاد الكلام، وإنما أهل الذوق [هم] الذين اشتغلوا بعلم البيان، وراضوا أنفهم بالرسائل، والخطب، والكتابة، والشعر، وصارت لهم بذلك دربة وملكة تامة؛ فإلى أولئك ينبغي أن يرجع في معرفة الكلام وفضل بعضه على بعض.
وقال الزمخشري: [من] حق مفسر كتاب الله الباهر وكلامه المعجز أن يتعاهد بقاء النظم على حسنه، والبلاغة على كمالها، وما وقع به التحدي [سليمًا] من القادح.
وقال غيره: معرفه هذه الصناعة بأوضاعها، هي عمدة التفسير المطلع على عجائب كلام الله، وهي قاعدة الفصاحة، وواسطة عقد البلاغة.
الثامن: علم القراءات؛ لأن به تعرف كيفية النطق بالقرآن. وبالقراءات ترجيح بعض الوجوه المحتملة على بعض.