بصيغة الجمع الدالة على سعة العظمة والكثرة، نحو قوله تعالى: ﴿سبح لله ما في السماوات﴾ [الصف: ١]، أي: جميع سكانها على كثرتهم، ﴿يسبح لله ما في السماوات﴾ [الجمعة: ١]، أي: كل واحدة على اختلاف عددها، نحو: ﴿قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله﴾ [النمل: ٦٥]، إذ المراد نفي الغيب عن كل من هو في واحدة من السموات]، وحيث أريد الجهة أتى بصيغة الإفراد، نحو قوله تعالى: ﴿وفي السماء رزقكم﴾ [الذاريات: ٢٢]، ﴿ءأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض﴾ [الملك: ١٦]، أي: من فوقكم.
ومن ذلك الريح، ذكرت مجموعة ومفردة، فحيث ذكرت في سياق الرحمة جمعت، أو في سياق العذاب أفردت.
أخرج ابن أبي حاتم وغيره، عن أبي بن كعب، قال: كل شيء في القرآن من الرياح فهو رحمة، وكل شيء فيه من الريح فهو عذاب، ولهذا ورد في الحديث: [اللهم] اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً، وذكر في حكمة ذلك أن رياح الرحمة مختلفة الصفات والمهبات والمنافع، وإذا هاجت منها ريح أثير لها من مقابلها ما يكسر سورتها، فينشأ من بينهما ريح لطيفة تنفع الحيوان والنبات، فكانت في الرحمة رياحا، وأما من العذاب فإنها تأتي من وجه واحد ولا معارض لها، ولا دافع، وقد خرج عن هذه القاعدة قوله تعالى في سورة (يونس): ﴿وجرين بهم بريح طيبة﴾ [يونس: ٢٢]، وذلك لوجهين: لفظي، وهو المقابلة في قوله تعالى: ﴿جاءتها ريح عاصف﴾ [يونس: ٢٢]، ورب شيء يجوز في المقابلة ولا يجوز استقلالاً، نحو قوله تعالى: ﴿ومكروا ومكر الله﴾ [آل عمران: ٥٤]، ومعنوي، وهو أن تمام الرحمة هناك إنما


الصفحة التالية
Icon