تحصل بوحدة الريح لا باختلافها، فإن السفينة لا تسير إلا بريح واحدة من وجه واحد، فإذا اختلف عليها الريح كان سبب الهلاك، والمطلوب هنا ريح واحدة، ولهذا أكد هذا المعنى بوصفها بالطيب، وعلى ذلك أيضاً جرى قوله تعالى: ﴿إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد﴾ [الشورى: ٣٣].
وقال ابن المنير: إنه على القاعدة، لأن سكون الريح عذاب وشدة على أصحاب السفن.
ومن ذلك إفراد النور وجمع الظلمات، وإفراد سبيل الحق وجمع سبل الباطل، في قوله تعالى: ﴿ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله﴾ [الأنعام: ٥٣]، لأن طريق الحق واحدة، وطريق الباطل متشعبة متعددة، والظلمات بمنزلة طرق الباطل، والنور بمنزلة طريق الحق، بل هما واحد، ولهذا وحد «ولي المؤمنين»، وجمع «أولياء الكفار»، لتعددهم في قوله تعالى: ﴿الله ولي الذين ءامنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات﴾ [البقرة: ٢٥٧].
ومن ذلك إفراد النار، حيث وقعت، والجنة وقعت مجموعة ومفردة، لأن الجنان مختلفة الأنواع، فحسن جمعها، والنار مادة واحدة، ولأن الجنة رحمة والنار عذاب، فناسب جمع الأولى، وإفراد الثانية، على حد الرياح والريح.
ومن ذلك إفراد السمع، وجمع البصر، لأن السمع غلب عليه المصدرية، فأفرد، بخلاف البصر، فإنه اشتهر في الجارحة، ولأن متعلق السمع: الأصوات، وهي حقيقة واحدة، ومتعلق البصر الألوان، والأكوان، وهي حقائق مختلفة، فأشار في كل منهما إلى متعلقه.
ومن ذلك إفراد الصديق، وجمع الشافعين، في قوله تعالى: ﴿فما لنا من شفعين ولا صديق حميم﴾ [الشعراء: ١٠٠، ١٠١]، وحكمته كثرة الشفعاء


الصفحة التالية
Icon