فلما أسلموا سألوا النبي - ﷺ - عن ذلك: يا رسول الله، إنا كنا نتحرج أن نطوف بين الصفا والمروة؟ فأنزل الله عز وجل: ﴿إن الصفا والمروة من شعائر الله﴾ [الآية]، قالت عائشة رضي الله عنها: وقد سن رسول الله - ﷺ - الطواف بينهما، فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما.
قال الزهري: فأخبرت أبا بكر بن عبد الرحمن، فقال: إن هذا العلم ما كنت سمعته، ولقد سمعت رجالاً من أهل العلم يذكرون أن الناس - إلا من ذكرت عائشة ممن كان يهل لمناة - كانوا يطوفون كلهم بالصفا والمروة، فلما ذكر الله جل شأنه الطواف بالبيت، ولم يذكر الصفا والمروة في القرآن، قالوا: يا رسول الله، كنا نطوف بالصفا والمروة، وإن الله أنزل الطواف بالبيت، ولم يذكر الصفا، فهل علينا من حرج أن نطوف بالصفا والمروة؟ فأنزل الله تعالى: ﴿إن الصفا والمروة من شعائر الله﴾ الآية [البقرة: ١٥٨]... قال أبو بكر: فأسمع هذه الآية نزلت في الفريقين كليهما، الذين / كانوا يتحرجون [أن يطوفوا] في الجاهلية بين الصفا والمروة، والذين كانوا يطوفون ثم تحرجوا أن يطوفوا بهما في الإسلام، من أجل أن الله تعالى أمر بالطواف بالبيت، ولم يذكر الصفا حتى ذكر ذلك بعد ما ذكر الطواف بالبيت.
وفي رواية: أن الأنصار كانوا قبل أن يسلموا - هم وغسان يهلون لمناة، فتحرجوا ان يطوفوا بين الصفا والمروة، وكان ذلك سنة في آبائهم، من أحرم لمناة لم يطف [بين الصفا] والمروة، وإنهم سألوا النبي - ﷺ - عن ذلك حين أسلموا، فأنزل الله تعالى في ذلك: ﴿إن الصفا والمروة﴾، وذكر إلى آخر الآية، هذه رواية البخاري ومسلم، ولهم روايات أخر لهذا الحديث.
وأخرجه الترمذي والنسائي بنحو من الرواية الأولى، وهذه أتم.


الصفحة التالية
Icon