و (الأنبياء) جمع نبي ويمد مهموزاً فيقال: نبيء، كما هي قراءة ورش عن نافع في جميع القرآن أو في غالبه، وهو عائد إلى الاشتقاق الأول الذي تقدم في كلمة النبوَّة (١).
شبه الجاحدين للوحي والرد عليها (٢):
لقد تفنن الحاقدون من أعداء الإسلام. وما زالوا يخططون ويجددون وضع الشبه واختلاقها، وهذا لا يؤثر على عظمة دين الإسلام فتنبه! ومن ذلك قولهم:
١ - لو كان الوحي ممكنا لأوحى الله إلى أفراد البشر عامة، ولم يخص به عدداً قليلاً... ورده أن هذا من سذاجة القول فان الأعمال العادية التي يتفاوت الناس في إنجازها لا توكل أحياناً لكل الأفراد فكيف بالوحي وهو شديد الخطورة يحتاج إلى مؤهلات لا تتوفر إلا في نوادر البشر.
٢ - إن الوحي الذي تدعونه، وتدّعون تنجيمه جاء بهذا القرآن غير مرتب، ولا منظم، فلم يفرد كل غرض من أغراضه بفصل أو باب... وهذا كلام من لا يعرف حقيقة القرآن الذي بهر نظمه وتنسيقه أصحاب الاختصاصات والفنون المختلفة في اللغة والحساب مع أن القرآن ليس كتاب تأليف، بل كتاب وحي ومنهج حياة، وأين موقعه إذا ما قورن بالكتب السماوية التي بين أيدي المدعين عليه.
٣ - اتهام النبي ﷺ بمرض الهستريا والهلوسة... ورده أن صاحب الهستريا والهلوسة لا يستطيع أن يحل مشاكله، ولا أن يقود نفسه! ! والنبي -صلى الله عليه وسلم- قاد أمة ونظم شعوبا وقضى على إمبراطوريات، وتحدى العباقرة الأصحاء.
٤ - إنكم تستدلون على الوحي بإعجاز القرآن، وتستدلون على إعجاز القرآن بما فيه من أسرار، ونحن لا ندرك الإعجاز ولا تلك الأسرار ٠٠٠ وجوابه إنّ قِصَر أفهامكم، وضعف عقولكم حجة عليكم لا لكم. وقد أدرك ذلك أهل الاختصاص واعترفوا به. كما أن في القرآن ما تعرفون من أنواع الإعجاز ولا قدرة لكم على الوقوف أمامه. ٥ - إعجاز القرآن بالعربية للعرب لا يدل على أنه وحي الله بل كلام محمد نسبه إلى ربه ٠٠٠ والرد على هذه الفرية كذبها القرآن بأسلوبه المتنوع؛ فمرة بألفاظ (قُل)، وأخرى بآيات العتاب، وأخرى بالنهي. ومن غير المعقول أن يأمر الإنسان نفسه وينتقدها ويفضحها أمام الناس، بل المعروف أن الإنسان يتستر على عيوبه ونقائصه ولا يكشفها للآخرين هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن محمداً - صلى الله عليه وسلم- معروف للعرب الذين نشأ بينهم وتربى عندهم، وقام بخدمتهم فلِمَ لم يشهر كتابه ومؤلفه إلا بعد هذه المدة المديدة من الزمان وكذلك إن محمداً ﷺ ما كان يجيب على التساؤلات حتى يأتيه الوحي ويخبره بجواب الله عن تلك الأمور. كما أن أخبار القرآن فيها من أنواع الغيب المستقبلي فكيف يؤلف هذا؟ ! ومزيداً على ذلك إعجاز الائتلاف الموجود في القرآن لم يشتمل عليه مؤلف لا قديماً ولا حديثاً ولا يمكن أن يحصل له مثيل في المستقبل. ألا تراه جمع في ثلاث وعشرين سنة دون أن يكون فيه اختلاف أو تعارض فافهم؟ ! ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ [النساء: ٨٢]، وأين أنت من محمد ﷺ الذي اعترف بأمانته وطهره من عاصره وشب معه، فهو حرب على الكذب والخنا والفساد والجهالة.
(٢) انظر: مناهل العرفان للزرقاني: ١/ ٧٦، وما بعدها بتصرف بسيط، وللتوسع: اقرأ في المجلد العاشر من مجلة الأزهر عام ١٣٥٨ هـ ما كتبه محمد فريد وجدي، وما كتبه الزرقاني في المجلد الخامس من مجلة الهدية الإسلامية عام ١٣٥١ هـ وما كتبه محمد عبدالله دراز في كتابه النبأ العظيم.