واستدل لهذا بحديث واثلة بن الأسقع (١).
وجعله السخاوي في النزول المباشر على الرسول ﷺ فقال بعد أن ساقه بنحوه: "فهذا الإنزال يريد به - ﷺ أول نزول القرآن عليه- ثم قال: وقوله عز وجل: ﴿إنا أنزلناه في ليلة القدر﴾ يشمل الإنزالين" (٢).
أما البيهقي فقد حمل حديث واثلة بن الأسقع على أن المراد به الإنزال جملة فقال: "قلت: وإنما أراد - والله أعلم - نزول الملك بالقرآن من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا" (٣).
ويشهد لهذا المعنى ما رواه ابن أبي شيبة عن أبي قلابة قال: ".. أنزلت الكتب كاملة ليلة أربع وعشرين من رمضان.. " (٤).
وقد ذهب صفي الرحمن المباركفوري في كتابه الرحيق المختوم إلى تحديد دقيق، ورأي جديد وهو أن يوم نزول القرآن وشهره كان يوم الاثنين لإحدى وعشرين مضت من رمضان ليلا. الموافق عشرة أغسطس سنة ٦١٠ م، وكان عمره ﷺ إذ ذاك أربعون سنة قمرية وستة أشهر و ١٢ يوما، وذلك نحو ٣٩ سنة شمسية وثلاثة أشهر و ٢٢ يوما.
وهو قول لم يقل به أحد قبله وقد بناه على ما يأتي (٥):
أولا: كونه يوم الاثنين بناء على ما صح من حديث أبي قتادة الأنصاري وفيه ذاك يوم ولدت فيه، ويوم بعثت أو أنزل علي فيه، وهو ما اتفق عليه أهل السير.
ثانيا: وكونه شهر رمضان عملا بالآيات الثلاث في سور: البقرة، الدخان، والقدر. وكونه شهر الجوار والتحنث بحراء.
ثالثا: كونه لإحدى وعشرين مضت من رمضان. بناء على أن حساب التقويم العلمي لذلك الشهر في تلك السنة لا يوافق يوم الاثنين إلا يوم السابع، والرابع عشر، والحادي والعشرين، والثامن والعشرين. ولأن ليلة القدر إنما تقع في الوتر من ليالي العشر من شهر رمضان، تعين كون ذلك يوم واحد وعشرين (٦).
(٢) جمال القراء: (١/ ٢٢)
(٣) الأسماء والصفات للبيهقي (١/ ٣٦٧)، والمرشد الوجيز (١٤).
(٤) المرشد الوجيز: ١٣.
(٥) انظر: نزول القرآن الكريم والعناية به في عهد لرسول-صلى الله عليه وسلم-: ٦٤.
(٦) انظر: الرحيق المختوم ص (٦٦) وحاشيته (٢).