٥ - قصر أكثر آياته وسوره، فقد سلك مع أهل مكة سبيل الإيجاز في خطابه لهم، وذلك لأنهم كانوا أهل البلاغة والبيان، صناعتهم الكلام، فيناسبهم الإيجاز والإقلال دون الإسهاب والإطناب.
ثالثاً: ضوابط القرآن المدني:
١ - تتميز الآيات المدنية بذكر وبيان الحدود والفرائض، وذلك لأنها شرعت بعد إقامة المجتمع الإسلامي.
٢ - كل سورة فيها إذن بالجهاد وبيان لأحكام الجهاد والصلح والمعاهدات فهي مدنية سوى سورة الحج.
٣ - كل سورة فيها ذكر المنافقين فهي مدنية ما عدا سورة العنكبوت مكية الآيات الإحدى عشرة الأولى، وذلك لأن ظاهرة النفاق بدت تظهر في المدينة.
رابعا: - مميزان القرآن المدني (١):
وللسور المدنية مميزات، منها:
١ - التحدث عن دقائق التشريع، وتفاصيل الأحكام في العبادات والمعاملات كأحكام الصلاة والصيام والزكاة... وكذلك البيوع والربا والسرقة والكفارات كما في سورة البقرة والنساء والمائدة والنور، وذلك أن حياة المسلمين بدأت تستقر وأصبح لهم كيان ودولة وسلطان.
٢ - محاجة أهل الكتاب وبيان ضلالهم في عقائدهم، وبيان تحريفهم لكتب الله وهذا ما توضحه سورة البقرة والمائدة والفتح.
٣ - تمتاز آيات القرآن المدني بطول المقاطع، وذلك لأنها تتحدث عن التشريعات ومخاطبة أهل الكتاب.
فوائد معرفة المكي والمدني (٢):
١ - معرفة المكي والمدني يساعد على تمييز الناسخ من المنسوخ فيما لو وردت آيتان متعارضتان وإحداهما مكية والأخرى مدنية، فإننا نحكم بنسخ المدنية للمكية لتأخرها عنها.
٢ - أنه يعين على معرفة تاريخ التشريع، والوقوف على سنة الله الحكيمة في تشريعه، وهي التدرج في التشريعات بتقديم الأصول على الفروع والإجمال في التفصيل، وبذلك يترتب عليه الإيمان بسمو السياسة الإسلامية في تربية الشعوب والأفراد.
٣ - معرفة هذا العلم يزيد الثقة بهذا القرآن العظيم، وبوصوله إلينا سالماً من التغيير والتحريف، ويدل على ذلك اهتمام المسلمين بهذا العلم عن طريق تناقلهم لهم وما نزل من قبل الهجرة وبعدها في السفر والحضر وفي الليل والنهار.
٤ - معرفة هذا العلم يفيد ويساعد على تفسير القرآن الكريم، فإن معرفة مكان النزول وزمنه يعين على فهم وتفسير القرآن العظيم.
٥ - أيضاً يفيدنا في معرفة أحداث السيرة النبوية من خلال متابعة أحوال النبي؟ وموقف المشركين من دعوته في العصر المكي والعصر المدني، والوقوف على الغزوات التي غزاها الرسول؟ كغزوة بدر وأحد وبني قريظة والفتح وحنين وغير ذلك.
(٢) بالتفصيل مناهل العرفان - ج ١ ص ١٩٥، وانظر المدخل لدراسة القرآن الكريم، ص ٢٢٠.