بالنصب عطفاً على (وجوهكم) وهى تقتضى غسل الأرجل، لعطفها على مغسول وهى الوجوه. وقرئ (وأرجِلكم) بالجر عطفاً على (رءوسكم) وهذه القراءة تقتضى مسح الأرجل، لعطفها على ممسوح وهو الرءوس. وفى ذلك إقرار لحكم المسح على الخفين.
٤ - دفع توهم ما ليس مراداً: ومثال ذلك قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله) [الجمعة: ٩]، إذ قرئ (فامضوا إلى ذكر الله)، وفى ذلك دفع لتوهم وجوب السرعة فى المشى إلى صلاة الجمعة المفهوم من القراءة الأولى، حيث بينت القراءة الثانية أن المراد مجرد الذهاب (١).
٥ - إظهار كمال الإعجاز بغاية الإيجاز، حيث إن كل قراءة مع الأخرى بمنزلة الآية مع الآية، وذلك من دلائل الإعجاز فى القرآن الكريم، حيث دلت كل قراءة على ما تدل عليه آية مستقلة.
٦ - اتصال سند هذه القراءات علامة على اتصال الأمة بالسند الإلهى، فإن قراءة اللفظ الواحد بقراءات مختلفة، مع اتحاد خطه وخلوه من النقط والشكل، إنما يتوقف على السماع والتلقى والرواية، بل بعد نقط المصحف وشكله، لأن الألفاظ إنما نقطت وشكلت فى المصحف على وجه واحد فقط، وباقى الأوجه متوقف على السند والرواية إلى يومنا هذا. وفى ذلك منقبة عظيمة لهذه الأمة المحمدية بسبب إسنادها كتاب ربها، واتصال هذا السند بالسند الإلهى، فكان ذلك تخصيصاً بالفضل لهذه الأمة (٢).
٧ - فى تعدد القراءات تعظيم لأجر الأمة فى حفظها والعناية بجمعها ونقلها بأمانة إلى غيرهم، ونقلها بضبطها مع كمال العناية بهذا الضبط إلى الحد الذى حاز الإعجاب (٣).
التعريف بالقراء الأربعة عشر ورواتهم
أولاً: القراء العشرة ورواتهم:
القراء جمع قارئ، اسم فاعل من قرأ، والمراد به فى اصطلاح أهل الفن: الإمام الذى تنسب إليه قراءة (٤)، والمراد بقولنا العشرة: القراء الذين تنسب إليهم القراءات العشر التى وصفها العلماء بأنها متواترة جميعها، وتشمل القراءات السبع وتواترها مجمع عليه ثم الثلاث تتمة العشر، وقد حقق العلماء كونها متواترة كما ذكر فى ثنايا هذا البحث فى غير ما موضع.
والقراء السبعة هم:
١ - ابن عامر (٥)
واسمه عبدالله بن عامر بن يزيد بن تميم بن ربيعة بن عامر بن عبدالله اليحصبى. ولد سنة إحدى وعشرين من الهجرة وقيل سنة ثمان وعشرين منها وتوفى سنة ثمان عشرة ومائة من الهجرة النبوية المباركة، وهو تابعى جليل لقى واثلة بن الأسقع والنعمان بن بشير وقد أخذ

(١) انظر: مناهل العرفان ١/ ١٤٧، ١٤٨
(٢) انظر: جواهر البين فى علوم القرآن د ٠ محمد العسال ص ٩٤ ٠
(٣) انظر: دراسات فى علوم القرآن د ٠ محمد بكر إسماعيل
(٤) القارئ المبتدئ من أفرد إلى ثلاث روايات، والمتوسط إلى أربع أو خمس، والمنتهى من عرف من القراءات أكثرها واشهرها.
(٥) ترجمته فى غاية النهاية - ١/ ٤٠٤ لابن الجوزى، معرفة القراء الكبار للذهبى - ١/ ٨٢، البحث والاستقراء فى تراجم القراء -ص ٣٠، وأنظر أيضاً: مناهل العرفان -١/ ٤٥٦، وقد أخطأ صاحب إعراب القرآن الكريم وبيانه ٣/ ٢٤٣ فترجم له على أنه الصحابى الجليل عقبة بن عامر.


الصفحة التالية
Icon