قوله تعالى: ﴿كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ [آل عمران: ٩٣]، " أي كل الأطعمة كانت حلالاً لبني إِسرائيل" (١).
قوله تعالى: ﴿إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ﴾ [آل عمران: ٩٣]، أي إلا ما حرّمه يعقوب على نفسه قبل نزول التوراة " (٢).
قال الطبري: أي: "إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من غير تحريم الله ذلك عليه، فإنه كان حرامًا عليهم بتحريم أبيهم إسرائيل ذلك عليهم، من غير أن يحرمه الله عليهم في تنزيل ولا وحي" (٣).
أخرج عبدالرزاق من طريق الثوري عن ابن عباس: " كان إسرائيل أخذه عرق النسا، فكان يبيت له زقاء، فجعل لله عليه إن شفاه ألا يأكل العروق" فأنزل الله تعالى: ﴿كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه﴾ [آل عمران: ٩٣]، قال سفيان: «له زقاء» قال: «صياح» " (٤).
واختلفوا في تحريم إسرائيل على نفسه هل كان بإذن الله تعالى أم لا - على اختلافهم في اجتهاد الأنبياء- على قولين (٥):
أحدهما: لم يكن إلا بإذنه وهو قول من زعم أن ليس لنبي أن يجتهد.
والثاني: باجتهاده من غير إذن، وهو قول من زعم أن للنبي أن يجتهد.
واختلف أهل التفسير في الذي كان إسرائيل حرَّمه على نفسه على أقوال:
أحدها: أن الذي حرّمه إسرائيل على نفسه العُرُوق. قاله ابن عباس (٦)، ومجاهد (٧)، وأبي مجلز (٨)، وقتادة (٩).
والثاني: أن الذي حرمه لحوم الإبل وألبانُها. وهذا قول الحسن (١٠)، وعبدالله بن كثير (١١)، وعطاء بن ابي رباح (١٢).
والثالث: أن الذي حرم: زائدة الكبد والكليتين والشحم إلا ما على الظهور. وهذا قول عكرمة (١٣).
قوله تعالى: ﴿قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [آل عمران: ٩٣]، " أي: قل لهم يا محمد ائتوني بالتوراة واقرءوها عليَّ إن كنتم صادقين في دعواكم أنها لم تحرم عليكم بسبب بغيكم وظلمكم" (١٤).
قال الزمخشري: " أمر بأن يحاجهم بكتابهم ويبكتهم مما هو ناطق به من أن تحريم ما حرم عليهم تحريم حادث بسبب ظلمهم وبغيهم، لا تحريم قديم كما يدعونه، فروى أنهم لم يجسروا على إخراج التوراة وبهتوا وانقلبوا صاغرين، وفي ذلك الحجة البينة على صدق النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى جواز النسخ الذي ينكرونه" (١٥).
واختلفوا في تحريم اليهود ذلك على أنفسهم على أقوال:
أحدها: أنهم حرموه على أنفسهم اتباعاً لإسرائيل. وهذا قول الضحاك (١٦).

(١) صفوة التفاسير: ١٩٩.
(٢) صفوة التفاسير: ١٩٩.
(٣) تفسير الطبري: ٨/ ٩.
(٤) تفسير عبدالرزاق (٤٣١): ص ١/ ٤٠٣.
(٥) انظر: النكت والعيون: ١/ ٤١٠.
(٦) انظر: تفسير الطبري (٧٤٠٥): ص ٧/ ١١.
(٧) انظر: تفسير الطبري (٧٤١٢): ص ٧/ ١٣.
(٨) انظر: تفسير الطبري (٧٤٠٧): ص ٧/ ١٢.
(٩) انظر: تفسير الطبري (٧٤٠٨) - (٧٤١٠): ص ٧/ ١٢ - ١٣.
(١٠) انظر: تفسير الطبري (٧٤١٦): ص ٦/ ١٤.
(١١) انظر: تفسير الطبري (٧٤١٥): ص ٦/ ١٣ - ١٤.
(١٢) انظر: تفسير الطبري (٧٤١٥): ص ٦/ ١٣ - ١٤.
(١٣) انظر: تفسير الثعلبي: ٣/ ١١٣.
(١٤) صفوة التفاسير: ١٩٩.
(١٥) الكشاف: ١/ ٣٨٦.
(١٦) انظر: تفسير الطبري (٧٤٠٠): ص ٧/ ٩.


الصفحة التالية
Icon