من طائفتي النصارى واليهود أنهم على دينه ومنهجِه، ولا يَحجُّون إلى البيت الذي بناه عن أمر الله له في ذلك ونادى الناس إلى حجه" (١).
قال البيضاوي: " والواضع هو الله عزوجل ومعنى وضع الله بيتاً للناس أنه جعله متعبداً لهم فكأنه قال إن أول متعبد للناس الكعبة" (٢).
واختلف في قوله تعالى: :﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ﴾ [آلأ عمران: ٩٦]، على أقوال:
أحدها: أنه أول بيت ظهر على وجه الماء عندما خلق الله السماء والأرض فخلقه الله قبل الأرض بألفي عام، وكان زبدة بيضاء على الأرض فدحيت الأرض من تحتها، هذا قول عبد الله بن عمرو ومجاهد وقتادة والسدي (٣).
والثاني: أنه أوّل بيت وضع: بني في الأرض. قاله علي بن الحسين (٤).
والثالث: أنه أول بيت بناه آدم في الأرض، قاله ابن عباس (٥).
والرابع: أنه أول بيت مبارك، أي: وضع فيه البركة. قاله علي (٦)، والضحاك (٧).
والخامس: انه اول بيت وضع للناس يحج إليه لله. قاله ابن عباس أيضا (٨).
والسادس: أنه أول بيت جعل قبلة للناس (٩).
والسابع: أن معناه: إن أول مسجد ومتعبد وضع للناس يعبد الله فيه، يدل عليه قوله: ﴿أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً﴾ [يونس: ٨٧]، يعني: مساجدهم وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً}، وقوله: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ﴾ [النور: ٣٦] يعني: المساجد. وهذا قول علي (١٠)، والحسن، والكلبي والفراء (١١)، ورجحه ابن كثير (١٢).
وفي تفسير قوله تعالى: ﴿بَكَّة﴾ [آل عمران: ٩٦]، أربعة أقاويل:
أحدها: أن بكة البيت والمسجد، ومكة: الحرم كله، وهذا قول ابن شهاب (١٣)، وضمرة بن ربيعة (١٤)، وإبراهيم (١٥).
والثاني: أن بكة هي مكة، وهو الضحاك (١٦)، وأبي عبيدة (١٧).
والثالث: أن بكة موضع البيت والمطاف، ومكة غيره في الموضع، يريد القرية، قاله أبو مالك (١٨)، وروي عن عطية وإبراهيم النخعي، وأبي صالح، ومقاتل بن حيان نحو ذلك (١٩).
والرابع: أن مكة من الفج إلى التنعيم، وبكة من البيت إلى البطحاء. قاله ابن عباس (٢٠).
والخامس: أن البيت وما حوله بكة، وما وراء ذلك مكة. وهذا قول عكرمة (٢١)، وميمون بن مهران (٢٢).

(١) تفسير ابن كثير: ٢/ ٧٧.
(٢) تفسير البيضاوي: ١/ ٢٧٥.
(٣) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٣٨٢٨): ص ٣/ ٧٠٧.
(٤) انظر: تفسير الثعلبي: ٣/ ١١٥.
(٥) انظر: تفسير الثعلبي: ٣/ ١١٥.
(٦) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٣٨٢٩): ص ٣/ ٧٠٨، وتفسير الثعلبي: ٣/ ١١٥.
(٧) انظر: تفسير الثعلبي: ٣/ ١١٥.
(٨) انظر: تفسير الثعلبي: ٣/ ١١٥.
(٩) انظر: تفسير الثعلبي: ٣/ ١١٥.
(١٠) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٣٨٢٧): ص ٣/ ٧٠٧.
(١١) انظر: تفسير الثعلبي: ٣/ ١١٥.
(١٢) انظر: تفسير ابن كثير: ٢/ ٦٤.
(١٣) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٣٨٣٨): ص ٣/ ٧٠٩، وتفسير الثعلبي: ٣/ ١١٥، والنكت والعيون: ١/ ٤١٠.
(١٤) انظر: تفسير الثعلبي: ٣/ ١١٥، والنكت والعيون: ١/ ٤١٠.
(١٥) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٣٨٣٨): ص ٣/ ٧٠٩.
(١٦) انظر: تفسير الثعلبي: ٣/ ١١٥.
(١٧) انظر: النكت والعيون: ١/ ٤١٠.
(١٨) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٣٨٣٩): ص ٣/ ٧٠٩، وتفسير الثعلبي: ٣/ ١١٥، والنكت والعيون: ١/ ٤١٠.
(١٩) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٣٨٣٩): ص ٣/ ٧٠٩.
(٢٠) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٣٨٣٥): ص ٣/ ٧٠٩.
(٢١) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٣٨٣٧): ص ٣/ ٧٠٩.
(٢٢) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٣٨٣٧): ص ٣/ ٧٠٩.


الصفحة التالية
Icon