قوله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ٩٨]، أي: " يا معشر يهود بني إسرائيل وغيرهم، لم تجحدونُ حجج الله التي آتاها محمدًا في كتبكم وغيرها، التي قد ثبتت عليكم بصدقه ونبوَّته وحُجته" (١).
قال السدي: " أما ﴿آيات الله﴾، فمحمد صلى الله عليه وسلم" (٢).
وفي إحدى الروايات عن السدي: " ﴿لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ﴾، يقول: لما تكفرون بالحج" (٣).
قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ﴾ [آل عمران: ٩٨]، " أي: والله مطلع على جميع أعمالكم فيجازيكم عليها" (٤).
قال الحسن: " هم اليهودُ والنصارى" (٥).
الفوائد:
١ - أمر النبي-صلى الله عليه وسلم- أن يوبخ أهل الكتاب على كفرهم بآيات الله، فيتفرغ أن كل من يكفر بآيات الله فهو مستحق للتوبيخ.
٢ - إثبات شهادة الله تعالى على كل ما يعمل بنو آدم، لقوله: ﴿والله شهيد على ما تعملون﴾، لأن ﴿ما﴾، اسم موصول يفيد العموم.
٣ - تهديد من يكفر بآيات الله، لأن الله سوف يحصي عمله ثم يجازيه على ذلك.
٤ - إحاطة الله تعالى بكل شيء، وأنه وسع كل شيء، ولا يخفى عليه شيء من اعمال بني آدم.
٥ - ومن الفوائد أن الله لايؤاخذ العبد بحديث النفس، لقوله: ﴿شهيد على ما تعملون﴾، كما صح ذلك عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: "إن الله تجاوز عن امتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم" (٦).
القرآن
﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٩٩)﴾ [آل عمران: ٩٩]
التفسير:
قل -أيها الرسول- لليهود والنصارى: لِمَ تمنعون من الإسلام من يريد الدخول فيه تطلبون له زيغًا وميلا عن القصد والاستقامة، وأنتم تعلمون أن ما جئتُ به هو الحق؟ وما الله بغافل عما تعملون، وسوف يجازيكم على ذلك.
في سبب تزول الآية:
إن هذه الآية من فصل كامل يعالج حدث الإغراء بين الأوس والخزرج يمتد من الآية (٩٨) إلى (١٠٥) من سورة آل عمران.
قوله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّه مَنْ آمَنَ﴾ [آل عمران: ٩٩] ِ، أي: يا أهل الكتاب" لمَ تصرفون الناس عن دين الله الحق، وتمنعون من أراد الإِيمان به؟ " (٧).
قال الطبري: أي: يا أهل الكتاب" لم تضِلُّون عن طريق الله ومحجَّته التي شرَعها لأنبيائه وأوليائه وأهل الإيمان" (٨).
قال الربيع: " لم تصدون عن الإسلام وعن نبي الله صلى الله عليه وسلم" (٩).
(٢) أخرجه الطبري (٧٥٢٢): ص ٧/ ٥٢.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم (٣٨٧٩): ص ٣/ ٧١٦.
(٤) صفوة التفاسير: ١٩٩.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم (٣٨٨٠): ص ٣/ ٧١٦، والطبري (٧٥٢٣): ص ٧/ ٥٢.
(٦) رواه البخاري (٥٢٦٩)، ومسلم (١٢٧).
(٧) صفوة التفاسير: ١٩٩.
(٨) تفسير الطبري: ٧/ ٥٢.
(٩) أخرجه ابن أبي حاتم (٣٨٨٣): ص ٣/ ٧١٧.