قال أبي بن كعب: " الذين استقاموا على إيمانهم ذلك وأخصلوا له الدين فبيض وجوههم وأدخلهم في رضوانه وجنته" (١).
قال الطبري: أي: " ممن ثبتَ على عهد الله وميثاقه، فلم يبدِّل دينه، ولم ينقلب على عَقِبيه بعد الإقرار بالتوحيد، والشهادة لربه بالألوهة، وأنه لا إله غيره" (٢).
قوله تعالى: ﴿فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [آل عمران: ١٠٧]، "أي فهم في الجنة مخلدون لا يخرجون منها أبداً" (٣).
قال الطبري: أي: "فهم في رحمة الله، يعني: في جنته ونعيمها باقون فيها أبدًا بغير نهاية ولا غاية" (٤).
قال ابن عباس: " ﴿هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾، أي: خالدا أبدا يخبرهم أن الثواب بالخير والشر مقيم على أهله أبدا لا انقطاع له" (٥).
قال سعيد بن جبير: " ﴿هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾، يعني: لا يموتون" (٦).
الفوائد:
١ - أن الذين ابيضت وجوهه في الجنة.
٢ - أن الرحمة تطلق على غير صفة الله بل على مخلوقاته، والمراد بالرحمة هنا: الجنة.
٣ - أن أهل الجنة مخلدون فيها، والخلود فيها أبدي لأنه جاء بالصيغة الاسمية الدالة على الثبوت والاستمرار.
القرآن
﴿تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ (١٠٨)﴾ [آل عمران: ١٠٨]
التفسير:
هذه آيات الله وبراهينه الساطعة، نتلوها ونقصُّها عليك -أيها الرسول- بالصدق واليقين. وما الله بظالم أحدًا من خلقه، ولا بمنقص شيئًا من أعمالهم; لأنه الحاكم العدل الذي لا يجور.
قوله تعالى: ﴿تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ﴾ [آل عمران: ١٠٨]، أي: " هذه مواعظ الله وعبره وحججه نقرؤها عليك-يا محمد-، بالصدق واليقين" (٧).
قال الزمخشري: أي: " تلك آيات الله الواردة في الوعد والوعيد نتلوها عليك ملتبسة بالحق والعدل من جزاء المحسن والمسيء بما يستوجبانه" (٨).
قال الواحدي: أي: "القرآن نبيّنها بالصدق" (٩).
قال قتادة: " ﴿آيات الله﴾: القرآن" (١٠).
قال محمد بن إسحاق: " ﴿نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ﴾: يقول: بالفضل" (١١).
قال الطبري: " يعني بقوله: {تلك آيات الله: هذه الآيات التي ذكر فيها أمورَ المؤمنين من أنصار رسول الله ﷺ وأمور يهود بني إسرائيل وأهل الكتاب، وما هو فاعل بأهل الوفاء بعهده، وبالمبدِّلين دينه، والناقضين عهدَه بعد الإقرار به. ثم أخبر عز وجل نبيه محمدًا ﷺ أنه يتلو ذلك عليه بالحق، وأعلمه أن من عاقبَ من خلقه بما أخبر أنه معاقبه به: من تسويد وجهه، وتخليده في أليم عذابه وعظيم عقابه
(٢) تفسير الطبري: ٧/ ٩٧.
(٣) صفوة التفاسير: ٢٠٢.
(٤) تفسير الطبري: ٧/ ٩٧.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم (٣٩٦١): ص ٣/ ٧٣١.
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم (٣٩٦٢): ص ٣/ ٧٣١.
(٧) تفسير الطبري: ٧/ ٩٧.
(٨) الكشاف: ١/ ٤٠٠.
(٩) الوجيز: ٢٢٦.
(١٠) أخرجه ابن أبي حاتم (٣٩٦٤): ص ٣/ ٧٣١.
(١١) أخرجه ابن أبي حاتم (٣٩٦٥): ص ٣/ ٧٣١.