أحدهما: أنها على أصلها، والمراد بها الماضي، ثم فيه ثلاثة أقوال:
الأول: أن معناه: كنتم في اللوح المحفوظ.
والثاني: أن معناه: خلقتم وجدتم. ذكرهما الطبري (١) وغيره (٢).
والثالث: أن المعنى: كنتم مذ كنتم، ذكره ابن الأنباري (٣).
والثاني: أن معنى كنتم: أنتم، كقوله تعالى: ﴿وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النساء: ٩٦]. وهذا قول الكلبي (٤)، وذكره الفراء (٥)، والزجاج (٦)، والثعلبي (٧).
قال ابن قتيبة: وقد "يأتي الفعل على بنية الماضي وهو دائم، أو مستقبل: كقوله: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ [آل عمران: ١١٠]، أي أنتم خير أمّة، وقوله: ﴿وَإِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [المائدة: ١١٦]، أي: وإذ يقول الله يوم القيامة، يدلك على ذلك قوله سبحانه: ﴿هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ﴾ [المائدة: ١١٩]، وقوله: ﴿أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ [النحل: ١]، يريد يوم القيامة. أي سيأتي قريبا فلا تستعجلوه، وقوله: ﴿قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا﴾ [مريم: ٢٩]، أي من هو صبيّ في المهد، وكذلك قوله: ﴿وَكانَ اللَّهُ سَمِيعاً بَصِيراً﴾ [النساء: ١٣٤]، وكذلك قوله: ﴿وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً﴾ [الأحزاب: ٢٧]، إنما هو: الله سميع بصير، والله على كل شيء قدير، وقوله: ﴿وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ﴾ [فاطر: ٩]، أي فنسوقه" (٨).
وفي قوله تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ [آل عمران: ١١٠]، قولان:
أحدهما: أن معناه: كنتم خير الناس للناس. قاله أبو هريرة (٩)، وابن عباس (١٠)، وعكرمة (١١)، ومجاهد (١٢)، والربيع بن أنس (١٣)، وعطاء (١٤)، وعطية (١٥).
والثاني: أن معناه: كنتم خير الأمم التي أخرجت (١٦).
قوله تعالى: ﴿تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [آل عمران: ١١٠]، أي: " تأمرون بالإيمان بالله ورسوله، والعمل بشرائعه " (١٧).
قال ابن عباس: " تأمرونهم أن يشهدوا أن لا إله إلا الله، والا قرار بما أنزل الله ويقاتلونهم عليه، ولا إله إلا لله أعظم المعروف" (١٨).
وروي عن أبي العالية قال: "التوحيد" (١٩).
قوله تعالى: ﴿وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ [آل عمران: ١١٠]، أي: " وتنهون عن الشرك بالله وتكذيب رسوله، وعن العمل بما نهى عنه" (٢٠).
(٢) انظر: زاد المسير: ١/ ٣١٤.
(٣) انظر: زاد المسير: ١/ ٣١٤.
(٤) أخرجه ابن المنذر (٧٩٦): ص ١/ ٣٣٠.
(٥) انظر: زاد المسير: ١/ ٣١٤.
(٦) انظر: زاد المسير: ١/ ٣١٤.
(٧) انظر: تفسير الثعلبي: ٣/ ١٢٦.
(٨) تأويل مشكل القرآن: ١٨٠، وانظر: زاد المسير: ١/ ٣١٤ - ٣١٥.
(٩) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٣٩٧١): ص ٣/ ٧٣٢.
(١٠) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٣٩٧٢): ص ٣/ ٧٣٣.
(١١) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٣٩٧٢): ص ٣/ ٧٣٢.
(١٢) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٣٩٧٢): ص ٣/ ٧٣٣.
(١٣) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٣٩٧٢): ص ٣/ ٧٣٣.
(١٤) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٣٩٧٢): ص ٣/ ٧٣٣.
(١٥) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٣٩٧٢): ص ٣/ ٧٣٣.
(١٦) انظر: زاد المسير: ١/ ٣١٤.
(١٧) تفسير الطبري: ٧/ ١٠٥.
(١٨) أخرجه ابن أبي حاتم (٣٩٧٧): ص ٣/ ٧٣٣.
(١٩) أخرجه ابن أبي حاتم (٣٩٧٧): ص ٣/ ٧٣٣.
(٢٠) تفسير الطبري: ٧/ ١٠٥.