قال الزجاج: " والفاسق الذي خرج عن أمر الله" (١).
الفوائد:
١ - أن هذه الأمة خير الأمم، لقوله ﴿كنتم خير أمة أخرجت للناس﴾، فـ"الناس" عامة تشمل جميع الأمم.
٢ - أن هذه الأمة فضلت غيرها بالخيرية لوصف ليس في غيرها، وهي أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر.
٣ - أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأن ترتب الخيرية عليه.
٤ - التنديد بأهل الكتاب إذ كفروا بالرسول-صلى الله عليه وسلم- مع أنهم يدّعون أنهم يريدون الخير.
٥ - أن من أهل الكتاب من هو مؤمن ومنهم من هو فاسق، وهم الاكثرون"أل" في قوله ﴿الممنون﴾ للعهد الذهني، يعني الإيمان المعروف عندكم، وهو الإيمان بمحمد-صلى الله عليه وسلم-.
القرآن
﴿لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (١١١)﴾ [آل عمران: ١١١]
التفسير:
لن يضركم هؤلاء الفاسقون من أهل الكتاب إلا ما يؤذي أسماعكم من ألفاظ الشرك والكفر وغير ذلك، وإن يقاتلوكم يُهْزَموا، ويهربوا مولِّين الأدبار، ثم لا ينصرون عليكم بأي حال.
في سبب نزول الآية:
قال مقاتل بن سليمان: " وذلك أن رؤساء اليهود كعب بن مالك، وشعبة، وبحري، ونعمان، وأبا ياسر، وأبا نافع، وكنانة بن أبي الحقيق، وابن صوريا. عمدوا إلى مؤمنيهم فآذوهم لإسلامهم وهم عبد الله بن سلام وأصحابه. فأنزل الله- عز وجل- ﴿لن يضروكم﴾ " (٢).
قوله تعالى: ﴿لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى﴾ [آل عمران: ١١١]، أي: " لن يضركم أيها المؤمنون هؤلاء اليهود إلا أذى باللسان" (٣).
قال الثعلبي: " يعني وعيدا وطعنا. وقيل: دعاء إلى الضلالة. وقيل: كلمة الكفر إن يسمعوها منهم يتأذوا بها" (٤).
قال السمرقندي: " يعني باللسان بالسب وغيره، وليس لهم قوة القتال" (٥).
قال قتادة: " لن يضروكم إلا أذى تسمعونه منهم" (٦).
قال ابن جريج: " إشراكهم في عُزير وعيسى والصَّليب" (٧).
قال الحسن: " تسمعون منهم كذبًا على الله، يدعونكم إلى الضلالة" (٨).
قال الزجاج: " أي يؤذونكم بالبهت والتحريف، فأما العاقبة فتكون للمؤمنين" (٩).
قال الطبري: أي: ": لن يضركم، يا أهل الإيمان بالله ورسوله، هؤلاء الفاسقون من أهل الكتاب بكفرهم وتكذيبهم نبيَّكم محمدًا ﷺ شيئا، ولكنهم يؤذونكم بشركهم، وإسماعكم كفرهم، وقولهم في عيسى وأمه وعزير، ودعائهم إياكم إلى الضلالة، ولن يضروكم بذلك" (١٠).
(٢) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٢٩٥.
(٣) تفسير الثعلبي: ٣/ ١٢٩.
(٤) تفسير الثعلبي: ٣/ ١٢٩.
(٥) تفسير السمرقندي: ١/ ١٣٨.
(٦) أخرجه الطبري (٧٦٢٦): ص ٧/ ١٠٨.
(٧) أخرجه الطبري (٧٦٢٧): ص ٧/ ١٠٨ - ١٠٩.
(٨) أخرجه الطبري ٧٦٢٩): ص ٧/ ١٠٩.
(٩) معاني القرآن: ١/ ٤٥٧.
(١٠) تفسير الطبري: ٧/ ١٠٨.