في أرضٍ من أرض الله إلا بهذا الحبل الذي قال الله عز وجل. وقرأ: ﴿وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ [سورة آل عمران: ٥٥]، قال: فليس بلد فيه أحد من النصارى إلا وهم فوق يهود في شرق ولا غرب، هم في البلدان كلها مستذَلُّون، قال الله: ﴿وَقَطَّعْنَاهُم فِي الأرْضِ أُمَمًا﴾ [سورة الأعراف: ١٦٨]، يهود" (١).
قوله تعالى: ﴿وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ١١٢]، " أي: رجعوا مستوجبين للغضب الشديد من الله" (٢).
قال الربيع بن أنس: " فحدث عليهم من الله غضب" (٣).
قال الطبري: أي: " وتحمَّلوا غضب الله فانصرفوا به مستحقِّيه" (٤).
قال السمرقندي: " استوجبوا الغضب من الله تعالى. ويقال: رجعوا بغضب من الله" (٥).
قال ابن كثير: " أي: أُلزموا فالتزَمُوا بغضب من الله، وهم يستحقونه" (٦).
قال الثعلبي: " ذمه لهم وتوعده إياهم في الدنيا، وإنزال العقوبة عليهم في العقبى، وكذلك بغضه وسخطه" (٧).
وفي تفسير: ﴿بَاءُوا﴾ [آل عمران: ١١٢]، ثلاثة أقوال:
أحدها: أن معناه: "استوجبوا". قاله سعيد بن جبير (٨). وروي عن الضحاك نحو ذلك (٩).
والثاني: أي: رجعوا". وهذا قول الكسائي (١٠).
والثالث: أن المعنى: أنهم احتملوا وأقروا به، ومنه الدعاء المأثور: "أبوء بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت". وهذا قول أبي عبيدة (١١).
قوله تعالى: ﴿وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ﴾ [آل عمران: ١١٢]، " أي: لزمتهم الفاقة والخشوع فهي محيطة بهم من جميع جوانبهم" (١٢).
قال ابن كثير: "أي: أُلزِموا المسكنة قَدرًا وشَرْعًا" (١٣).
قال الطبري: " ومعنى ﴿المسكنة﴾: ذل الفاقة والفقر وخُشوعهما" (١٤).
قال الثعلبي: أي: " جعلت عليهم وألزموا الذلة الذل والهوان، و ﴿المسكنة﴾: يعني ذي فقر، ومنه سمي الفقير مسكينا لسكونه وقلة حركاته. يقال: ما في بني فلان أسكن من فلان، أي أفقر" (١٥).
وفي تفسير: ﴿الْمَسْكَنَةُ﴾ [آل عمران: ١١٢]، قولان:
أحدهما: أنها الفاقة. قاله أبو العالية (١٦)، وروي عن السدي والربيع بن أنس نحو ذلك (١٧).
والثاني: انها الخراج (الجزية). وهذا قول عطية (١٨)، والضحاك (١٩). ويدل عليه قوله: ﴿حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [التوبة: ٢٩].
(٢) صفوة التفاسير: ٢٠٢.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم (٣٩٩٣): ص ٣/ ٧٣٦
(٤) تفسير الطبري: ٧/ ١١٦.
(٥) تفسير السمرقندي: ١/ ٢٣٩.
(٦) تفسير ابن كثير: ٢/ ١٠٤.
(٧) تفسير الثعلبي: ١/ ٢٠٦.
(٨) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٣٩٩٢): ص ٣/ ٧٣٦
(٩) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٣٩٩٢): ص ٣/ ٧٣٦.
(١٠) انظر: تفسير الثعلبي: ١/ ٢٠٦.
(١١) انظر: تفسير الثعلبي: ١/ ٢٠٦.
(١٢) صفوة التفاسير: ٢٠٢.
(١٣) تفسير ابن كثير: ٢/ ١٠٤.
(١٤) تفسير الطبري: ٧/ ١١٦.
(١٥) تفسير الثعلبي: ١/ ٢٠٦.
(١٦) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٣٩٩٥): ص ٣/ ٧٣٦.
(١٧) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٣٩٩٥): ص ٣/ ٧٣٦.
(١٨) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٣٩٩٦): ص ٣/ ٧٣٦.
(١٩) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٣٩٩٦): ص ٣/ ٧٣٦.