غيره وللتعريض بأن إيمان اليهود بهما مع قولهم عزير ابن الله وكفرهم ببعض الكتب والرسل ووصفهم اليوم الآخر بخلاف صفته ليس من الإيمان بهما في شئ أصلا ولو قيد بما ذكر لربما توهم أن المنتفي عنهم هو القيد المذكور مع جواز إطلاق الإيمان على إيمانهم بالأصل وهيهات" (١).
قوله تعالى: ﴿وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ [آل عمران: ١٣٠]، أي: " يأمرون الناس بالإيمان بالله ورسوله، وتصديق محمد ﷺ وما جاءهم به، وينهون الناس عن الكفر بالله، وتكذيب محمد وما جاءهم به من عند الله" (٢).
قال مقاتل بن سليمان: " يعني: إيمانا بمحمد- صلى الله عليه وسلم- وينهون عن المنكر، يعني: عن تكذيب بمحمد- صلى الله عليه وسلم-" (٣).
قال الزجاج: "ومعنى: ﴿ويأمرون بالمعروف﴾ ههنا أي يأمرون باتباع النبي - ﷺ – ﴿وينهون عن المنكر﴾: عن الإقامة على مشاقته - ﷺ –" (٤).
قال أبو السعود: " صفتان أخريان لأمة أجريتا عليهم تحقيقا لمخالفتهم اليهود في الفضائل المتعلقة بتكميل الغير إثر بيان مباينتهم لهم في الخصائص المتعلقة بتكميل النفس وتعريضا بمداهنتهم في الاحتساب بل بتعكيسهم في الأمر بإضلال الناس وصدهم عن سبيل الله فإنه أمر بالمنكر ونهي عن بالمعروف" (٥).
قوله تعالى: ﴿وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ﴾ [آل عمران: ١١٤]، أي: " ويبتدرون فعل الخيرات" (٦).
قال مقاتل بن سليمان: " يعنى شرائع الإسلام" (٧).
قال أبو السعود: " صفة أخرى لأمة جامعة لفنون المحاسن المتعلقة بالنفس وبالغير والمسارعة في الخير فرط الرغبة فيه لأن من رغب في الأمر سارع في توليته والقيام به وآثر الفور على التراخي أي يبادرون مع كمال الرغبة في فعل أصناف الخيرات اللازمة والمتعدية وفيه تعريض بتباطؤ اليهود فيها بل بمبادتهم إلى الشرور وإيثار كلمة فى على ما وقع في قوله تعالى: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ﴾ [آل عمران: ١٣٣].. الخ، للإيذان بأنهم مستقرون في أصل الخير متقلبون في فنونه المترتبة في طبقات الفضل لا أنهم خارجون عنها منتهون إليها" (٨).
قوله تعالى: ﴿وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [آل عمران: ١١٤]، أي: أولئك" هم من عداد الصالحين" (٩).
قال أبو السعود: " أي: من جملة من صلحت أحوالهم عند الله عز وجل واستحقوا رضاه وثناءه" (١٠).
قال الماتريدي: " أي: ومن ذلك فعله - فهو صالح" (١١).
قال السمعاني: " وصفهم الله تعالى وشكرهم" (١٢).
قال المراغي: " أي وهؤلاء الذين اتصفوا بجليل الصفات من الذين صلحت أحوالهم، وحسنت أعمالهم، فرضيهم ربهم، وفى هذا رد على اليهود الذين قالوا فيمن أسلم منهم: ما آمن بمحمد إلا شرارنا، ولو كانوا من خيارنا ما تركوا دين آبائهم وذهبوا إلى غيره.

(١) تفسير أبي السعود: ٢/ ٧٤.
(٢) تفسير الطبري: ٧/ ١٣٠.
(٣) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٢٩٦.
(٤) معاني القرآن: ١/ ٤٦٠.
(٥) تفسير أبي السعود: ٢/ ٧٤.
(٦) تفسير الطبري: ٧/ ١٣٠.
(٧) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٢٩٦.
(٨) تفسير أبي السعود: ٢/ ٧٤.
(٩) تفسير الطبري: ٧/ ١٣٠.
(١٠) تفسير أبي السعود: ٢/ ٧٤.
(١١) تفسير الماتريدي: ٢/ ٤٦٠.
(١٢) تفسير السمعاني: ١/ ٣٥٠.


الصفحة التالية
Icon