قوله تعالى: ﴿وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ﴾ [آل عمران: ١١٥]، "أي ما عملوا من عمل صالح فلن يضيع عند الله" (١).
قال الربيع بن أنس: أي: "لن يضل عنكم" (٢).
قال مقاتل: " فلن يضل عنهم بل يشكر ذلك لهم" (٣).
قال الماتريدي: " أي: كيف يكفره، وهو الشكور الذي يقبل اليسير، ويعطي الجزيل" (٤).
قال المراغي: " أي وما يفعلوا من الطاعات فلن يحرموا ثوابه ولن يستر عنهم كأنه غير موجود" (٥).
قال السعدي: أي: " وأنهم مهما فعلوا ﴿من خير﴾ قليلا كان أو كثيرا ﴿فلن يكفروه﴾ أي: لن يحرموه ويفوتوا أجره، بل يثيبهم الله على ذلك أكمل ثواب، ولكن الأعمال ثوابها تبع لما يقوم بقلب صاحبها من الإيمان والتقوى" (٦).
وقوله تعالى: ﴿وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ﴾ [آل عمران: ١١٥]، قرئت بالياء والتاء، قال الزجاج" وكلاهما صواب - كما قال الله عز وجل: (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره) - فالخطاب لسائر الخلق، ومن قال (فلن تكفروه) فهو لهؤلاء المذكورين وسائر الخلق داخل معهم في ذلك" (٧).
وفي حرف حفصة: " فلن تتركوه ": أي: لن تتركوه دون أن تجزوا عليه (٨).
قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ﴾ [آل عمران: ١١٥]، أي لا يخفى عليه عمل عامل، ولا يضيع لديه أجر المتقين" (٩).
قال الثعلبي: أي: المؤمنين" (١٠).
قال السمرقندي: " أي عليم بثوابهم، وهم مؤمنو أهل الكتاب، ومن كان بمثل حالهم" (١١).
عن ابن عباس: " ﴿المتقين﴾، أي الذين يحذرون من الله عقوبته في ترك ما يعرفون من الهدى، ويرجون رحمته بالتصديق بما جاء منه" (١٢).
وقال السدي: " ﴿المتقين﴾، هم المؤمنون" (١٣).
وقيل لمعاذ بن جبل: "من المتقون؟ قال: " قوم اتقوا الشرك وعبادة الأوثان، وأخلصوا لله العبادة فيمرون إلى الجنة" (١٤).
الفوائد:
١ - أن من فعل خيرا أثيب عليه، لأأن المراد هنا تمام الإثبات، أي أنهم يعطون أجرهم كاملا بلا نقص.
٢ - كمال عدل الله عزّ وجل لكون العامل إذا عمل عملا أثيب عليه، ولو حوسب على ما أعطاه من النعم لهلك، لكن يثاب وتكون نعم الله عليه مجرد فضل من الله.
٣ - ثبوت الثواب على العمل الخير قليلا أم كثيرا، لقوله: ﴿من خير﴾، وهي في سياق الشرط فتكون عامة.
٤ - إثبات علم الله تعالى.
٥ - الثناء على أهل التقوى.

(١) صفوة التفاسير: ٢٠٤.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٠٢٠): ص ٣/ ٧٤٠.
(٣) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٢٩٦.
(٤) تفسير الماتريدي: ٢/ ٤٦١.
(٥) تفسير المراغي: ٤/ ٣٧.
(٦) تفسير السعدي: ١٤٣.
(٧) معاني القرآن للزجاج: ١/ ٤٦٠.
(٨) انظر: تفسير الماتريدي: ٢/ ٤٦١.
(٩) صفوة التفاسير: ٢٠٤.
(١٠) تفسير الثعلبي: ٣/ ١٣٢.
(١١) تفسير السمرقندي: ١/ ٢٤٠.
(١٢) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٠٢٢): ص ٣/ ٧٤٠ - ٧٤١.
(١٣) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٠٢٣): ص ٣/ ٧٤١.
(١٤) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٠٢١): ص ٣/ ٧٤٠.


الصفحة التالية
Icon