قال الطبري: " لن تدفع أمواله التي جمعها في الدنيا، وأولاده الذين ربَّاهم فيها، شيئًا من عقوبة الله يوم القيامة إن أخرها لهم إلى يوم القيامة، ولا في الدنيا إنْ عجَّلها لهم فيها" (١).
قال السمعاني: " أي: لا تدفع أموالهم بالفدية، ولا أولادهم بالنصرة من عذاب الله؛ وذلك أن الإنسان يدفع عن نفسه بفداء المال، وتارة بالاستعانة بالأولاد" (٢).
قال الزجاج: " أي لا تمنعهم أولادهم مما هو نازل بهم، لأنهم مالوا إلى الأموال في معاندتهم النبي - ﷺ - لأن الرياسة إنما قامت لهم - أعني - رؤساء إليهود - بمعاندتهم النبي - ﷺ –" (٣).
قال الصابوني: " أي لن تدفع عنهم أموالهم التي تهالكوا على اقتنائها ولا أولادهم الذين تفانوا في حبهم من عذاب الله شيئاً" (٤).
قال أبو السعود: " وتأخيرُ الأولاد عن الأموال مع توسيط حرف النفي بينهما إما لعراقة الأولادِ في كشف الكروب أو لأن الأموال أولُ عُدّة يُفزع إليها عند نزول الخطوب" (٥).
قال الثعلبي: " وإنما خص الأولاد لأنهم أقرب الأنساب إليه" (٦)، وإنما سمى المال غنى لأنه ينفع الناس ويدفع عنهم الفقر والنوائب" (٧).
قال الراغب: " ولما ذكر في الآية الأولى أن ما يفعله الإنسان من الخير لن يكفر، بين أن ما يعدونه خيرا إنما ينفع بعد الإيمان، فأما مع افتقاده فلا نفع، وذكر أجل ما هو عندهم خير، وهو الأموال والأولاد، وأنها لا تغني عنهم، وعلى ذلك ما حكى عن الكفار: ﴿مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ﴾ [الحاقة: ٢٨] " (٨).
قوله تعالى: ﴿وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [آل عمران: ١١٦]، " أي: أولئك الملازمون للنار" (٩) "لا يخرجون منها أبدا" (١٠).
قال المراغي: " لأن ظلمة أرواحهم، وفساد عقائدهم، وسوء أعمالهم، اقتضت خلودهم فى تلك الهاوية المظلمة المستعرة التي وقودها الناس والحجارة، قد أعدت لكل من جحد بآيات ربه، وأعرض عن دعوة أنبيائه ورسله، ولم يصغ إلا لداعى الهوى والشهوات" (١١).
قال الطبري: " وإنما جعلهم أصحابها، لأنهم أهلها الذين لا يخرجون منها ولا يفارقونها، كصاحب الرجل الذي لا يفارقه، وقرينه الذي لا يزايله، ثم أكد ذلك بإخباره عنهم إنهم " فيها خالدون "، أنّ صحبتهم إياها صحبة لا انقطاع لها، إذْ كان من الأشياء ما يفارق صاحبه في بعض الأحوال، ويزايله في بعض الأوقات، وليس كذلك صحبة الذين كفروا النارَ التي أصْلوها، ولكنها صحبة دائمة لا نهاية لها ولا انقطاع" (١٢).
الفوائد:
١ - من فوائد هذه الآية الكريمة: أن الكفار لا ينتفعون بأموالهم ولا أولادهم.
٢ - ومن الفوائد أيضا: إن الكفار مهما كثرت قوتهم عددا ومددا، فإنها لن تغني عنهم من الله شيئا.
٣ - ومن فوائدها: تمام قدرة الله وسلطته على العباد إذ إن الكفار العتاة لا يستطيعون أن يدفعوا شيئا بأموالهم وأولادهم مما قضاه الله عزّ وجل.
(٢) تفسير السمعاني: ١/ ٣٥٠.
(٣) معاني القرآن: ١/ ٤٦٠.
(٤) صفوة التفاسير: ٢٠٤.
(٥) تفسير أبي السعود: ٢/ ١٠.
(٦) تفسير الثعلبي: ٣/ ١٣٣.
(٧) تفسير الثعلبي: ٣/ ١٨.
(٨) تفسير الراغب الأصفهاني: ٢/ ٨١٣ - ٨١٤.
(٩) تفسير المراغي: ٤/ ٤٠.
(١٠) تفسير السعدي: ٤١٣.
(١١) تفسير المراغي: ٤/ ٤٠.
(١٢) تفسير الطبري: ٧/ ١٣٣ - ١٣٤.