وابن زيد (١)، والضحاك (٢)، وشرحبيل بن سعد (٣).
والثاني: برد وجليد. قاله عطاء (٤).
والثالث: أنه نار. وهذا قول ابن عباس (٥) أيضا ومجاهد (٦).
قال ابن كثير: " وهو يرجع إلى الأول، فإن البرد الشديد - سيّما الجليد - يحرق الزروع والثمار، كما يحرق الشيء بالنار" (٧).
والرابع: أنه صوت لهب النار التي تكون في الريح، وهو قول الزجاج (٨).
قال الماوردي: " وأصل الصّر: صوت من الصرير" (٩)، ومنه قوله تعالى: ﴿فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا﴾ [الذاريات: ٢٩]. قيل: "هي: الصوت" (١٠).
قوله تعالى: ﴿أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ﴾ [آل عمران: ١١٧]، " أي: أصابت هذه الريح زرع قوم عصوا الله، وتعدَّوا حدوده، فأفسدته وأهلكته" (١١).
قال مقاتل: " فلم يبق منه شيئا كما أهلكت الريح الباردة حرث الظلمة فلم ينفعهم حرثهم، فكذلك أهلك الله «نفقات» سفلة اليهود ومنهم كفار مكة التي أرادوا بها الآخرة فلم تنفعهم نفقاتهم" (١٢).
قال الزجاج: أي: " فعاقبهم الله بإذهاب زرعهم – فأهلكته، فأعلم أن ضرر نفقتهم عليهم كضرر هذه الريح في هذا الزرع وقيل إنه يعني: به أهل مكة حين تعاونوا وأنفقوا الأموال على التظاهر على النبي - ﷺ -، وقال بعضهم: ﴿مثل ما ينفقون﴾، أي: مثل أعمالهم في شركهم كمثل هذه الريح... وجملته أن ما أنفق في التظاهر على عداوة الدين مضر مهلك أهله في العاجل والأجل" (١٣).
قال الماتريدي: " ي: يتأسفون على ما أنفقوا تأسف صاحب الزرع على ما كان أنفق فيه" (١٤).
قال ابن كثير: " أي: أحرقته، يعني بذلك السَّفْعة إذا نزلت على حَرْث قد آن جدَادُه أو حَصَاده فدمَّرَتْه وأعدَمَتْ ما فيه من ثمر أو زرع، فذهبت به وأفسدته، فعَدمَه صاحبه أحوج ما كان إليه. فكذلك الكفار يمحق الله ثوابَ أعمالهم في هذه الدنيا وثمرتها كما أذهب ثمرةَ هذا الحرث بذنوب صاحبه، وكذلك هؤلاء بَنَوْهَا على غير أصْل وعلى غير أساس" (١٥).
قوله تعالى: ﴿وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ [آل عمران: ١١٧]، " أي: وما ظلمهم الله بإهلاك حرثهم ولكن ظلموا أنفسهم بارتكاب ما يستوجب العقاب" (١٦).
أخرج ابن أبي حاتم "عن عباس في قوله: ﴿لكن أنفسهم يظلمون﴾، قال: يضرون" (١٧).
(٢) انظر: تفسير الطبري (٧٦٧٨): ص ٧/ ١٣٧.
(٣) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٤٠٢٥): ص ٣/ ٧٤١.
(٤) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٤٠٢٨): ص ٣/ ٧٤١.
(٥) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٤٠٢٦): ص ٣/ ٧٤١.
(٦) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٤٠٢٧): ص ٣/ ٧٤١.
(٧) تفسير ابن كثير: ٢/ ١٠٦.
(٨) انظر: معاني القرآن: ١/ ٤٦١.
(٩) النكت والعيون: ١/ ٤١٨.
(١٠) تفسير الماتريدي: ٢/ ٤٦٢.
(١١) تفسير الطبري: ٧/ ١٣٤. [بتصرف].
(١٢) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٢٩٧.
(١٣) معاني القرآن: ١/ ٤٦١.
(١٤) تفسير الماتريدي: ٢/ ٤٦٢.
(١٥) تفسير ابن كثير: ٢/ ١٠٦.
(١٦) صفوة التفاسير: ٢٠٥.
(١٧) تفسير ابن أبي حاتم (٤٠٣١): ص ٣/ ٧٤٢.