والثالث: أنها نزلت في اليهود.. وهذا قول مقاتل بن حيان (١).
قوله تعالى: ﴿هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ﴾ [آل عمران: ١١٩]، "أي: ها أنتم يا معشر المؤمنين خاطئون في موالاتكم إذ تحبونهم ولا يحبونكم" (٢).
قال مقاتل بن حيان: " ها أنتم أولاء معشر الأنصار" (٣).
قال الطبري: أي: "ها أنتم، أيها المؤمنون، الذين تحبونهم، تحبون هؤلاء الكفار، فتودونهم وتواصلونهم وهم لا يحبونكم بل يبطنون لكم العداوة والغش" (٤).
قال ابن قتيبة: "أي: ها أنتم يا هؤلاء تحبونهم" (٥).
قال ابن كثير: " أي: أنتم - أيها المؤمنون - تحبون المنافقين مما يظهرون لكم من الإيمان، فتحبونهم على ذلك وهم لا يحبونكم، لا باطنا ولا ظاهرا" (٦).
قال ابن أبي زمنين: " يقول للمؤمنين: أنتم تحبون المنافقين؛ لأنهم أظهروا الإيمان، فأحبوهم على ما أظهروا، ولم يعلموا ما في قلوبهم" (٧).
قال الزجاج: " خطاب للمؤمنين، أعلموا فيه أن منافقي أهل الكتاب لا يحبونهم وأنهم هم يصحبون هؤلاء المنافقين بالبر والنصيحة التي يفعلها المحب وأن المنافقين على ضد ذلك، فأعلم الله جل وعز المؤمنين ما يسره المنافقون وهذا من آيات النبي - ﷺ –" (٨).
قال قتادة: " فوالله إن المؤمن ليحب المنافق ويأوى له ويرحمه. ولو أن المنافق يقدر على ما يقدر عليه المؤمن منه، لأباد خضراءه" (٩).
وقال ابن جريج: " المؤمن خير للمنافق من المنافق للمؤمن، يرحمه. ولو يقدر المنافق من المؤمن على مثل ما يقدر المؤمن عليه منه، لأباد خضراءه" (١٠).
ولأهل العلم في قوله تعالى: ﴿هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ﴾ [آل عمران: ١١٩]، ثلاثة اوجه من التفسير:
أحدهما: أنهم المنافقون يجامعون المؤمنين بألسنتهم على الإيمان، فيحبونهم المؤمنون على ذلك. قاله الحسن (١١)، وروي عن قتادة (١٢) نحوه.
والثاني: انهم الإباضية، وهذا قول أبي الجوزاء (١٣).
والثالث: أنهم اليهود، والمعنى: تحبونهم يعني اليهود ولا يحبونكم. وهذا قول مقاتل بن حيان (١٤).
قوله تعالى: ﴿وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ﴾ [آل عمران: ١١٩]، أي: وأنتم "تصدقون بكتب الله كلها" (١٥).

(١) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٤٠٤٩): ص ٣/ ٧٤٤.
(٢) صفوة التفاسير: ٢٠٥.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٠٤٥): ص ٣/ ٧٤٤.
(٤) تفسير الطبري: ٧/ ١٤٨.
(٥) غريب القرآن لابن قتيبة: ١٠٩.
(٦) تفسير ابن كثير: ٢/ ١٠٨.
(٧) تفسير ابن أبي زمنين: ١/ ٣١٤.
(٨) معاني القرآن: ١/ ٤٦٢.
(٩) أخرجه الطبري (٧٦٩٦): ص ٧/ ١٥١.
(١٠) أخرجه الطبري (٧٦٩٧): ص ٧/ ١٥١.
(١١) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٤٠٤٦): ص ٣/ ٧٤٤.
(١٢) انظر: تفسير الطبري (٧٦٩٦): ص ٧/ ١٥١.
(١٣) انظر: تفسير الطبري (٧٧٠١): ص ٧/ ١٥٢. و" الإباضية "، فرقة من الحرورية، وهم أصحاب عبد الله بن إباض التميمي، الخارج في أيام مروان بن محمد. ومن قولهم: إن مخالفينا من أهل القبلة كفار غير مشركين، ومناكحتهم جائزة، وموارثتهم حلال، وغنيمة أموالهم من السلاح والكراع عند الحرب حلال، وما سواه حرام، وإن دار مخالفيهم من أهل الإسلام دار توحيد. وقالوا: إن مرتكب الكبيرة موحد، لا مؤمن.
(١٤) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٤٠٤٩): ص ٣/ ٧٤٤.
(١٥) معاني القرآن: ١/ ٤٦٣.


الصفحة التالية
Icon