قال قتادة: " وإذا رأوا من أهل الإسلام فُرقة واختلافًا، أو أصيب طرف من أطراف المسلمين، سرَّهم ذلك وأعجبوا به وابتهجوا به. فهم كلما خرج منهم قَرْنٌ أكذبَ الله أحدوثته، وأوطأ محلَّته، وأبطل حجته، وأظهر عورته، فذاك قضاء الله فيمن مضى منهم وفيمن بقى إلى يوم القيامة" (١).
قال الربيع: " وإذا رأوا من أهل الإسلام فرقة واختلافًا، أو أصيب طرفٌ من أطراف المسلمين، سرَّهم ذلك وأعجبوا به" (٢).
قال ابن كثير: " وإن أصاب المسلمين سيئة إما: جَدْب أو أُديل عليهم الأعداء، لما لله في ذلك من الحكمة، كما جرى يوم أُحُد، فَرح المنافقون بذلك" (٣).
قوله تعالى: ﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا﴾ [آل عمران: ١٢٠]، " أي: وإن صبرتم على أذاهم واتقيتم الله في أقوالكم وأعمالكم لا يضركم مكرهم وكيدهم" (٤).
قال ابن كثير: " يرشدهم تعالى إلى السلامة من شر الأشرار وكَيْدِ الفُجّار، باستعمال الصبر والتقوى، والتوكل على الله الذي هو محيط بأعدائهم، فلا حول ولا قوة لهم إلا به، وهو الذي ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن. ولا يقع في الوجود شيء إلا بتقديره ومشيئته، ومن توكل عليه كفاه" (٥).
قال الزمخشري: أي: " وإن تصبروا على عداوتهم وتتقوا ما نهيتم عنه من موالاتهم. أو وإن تصبروا على تكاليف الدين ومشاقه وتنقوا الله في اجتنابكم محارمه كنتم في كنف الله فلا يضركم كيدهم.... وهذا تعليم من الله وإرشاد إلى أن يستعان على كيد العدو بالصبر والتقوى. وقد قال الحكماء: إذا أردت أن تكبت من يحسدك فازدد فضلا في نفسك" (٦).
قال الطبري: " ويعني بـ ﴿كيدهم﴾، غوائلهم التي يبتغونها للمسلمين، ومكرهم بهم ليصدّوهم عن الهدى وسبيل الحق" (٧).
وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو ويعقوب: ﴿لا يَضُرُّكُمْ﴾ مخففة بكسر الضاد، وقرأ الضحاك بضم الضاد وجزم الراء خفيفة (٨).
قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ﴾ [آل عمران: ١٢٠]، أي: "إن الله عالم بما يعمل هؤلاء الكفار" (٩).
قال الواحدي: يعني: " عالمٌ به فلن تعدموا جزاءه" (١٠).
قال الزمخشري: "بمعنى أنه عالم بما يعملون في عداوتكم فمعاقبهم عليه" (١١).
وقرأ الأعمش والحسن: ﴿تعملون﴾، بالتاء (١٢)، والمعنى: "إن الله بما تعملون من الصبر والتقوى وغيرهما محيط، ففاعل بكم ما أنتم أهله" (١٣).
الفوائد:
١ - أن العدو لا تقبل شهادته على عدوه، لأن العدو إذا اصابت عدوه حسنة ساءته، وإذا أصابته سيئة فرح بها.
٢ - أن العدوّ مهما أظهر لك من الصداقة فإنه كاذب.
(٢) أخرجه الطبري (٧٧٠٦): ص ٧/ ١٥٦.
(٣) تفسير ابن كثير: ٢/ ١٠٩.
(٤) صفوة التفاسير: ٢٠٥.
(٥) تفسير ابن كثير: ٢/ ١٠٩.
(٦) الكشاف: ١/ ٤٠٨.
(٧) تفسير الطبري: ٧/ ١٥٦.
(٨) انظر: تفسير الطبري: ٧/ ١٥٦، وتفسير الثعلبي: ٣/ ١٣٧.
(٩) تفسير الطبري: ٧/ ١٥٨، وتفسير الثعلبي: ٣/ ١٣٧.
(١٠) الوجيز: ٢٢٩.
(١١) الكشاف: ١/ ٤٠٨.
(١٢) انظر: تفسير الثعلبي: ٣/ ١٣٧.
(١٣) الكشاف: ١/ ٤٠٨.