٣ - التحذير من تولية اليهود والنصارى لأمور المسلمين لأنهم لا يألوننا خبالا ويسرون بما يسوؤنا ويساؤون بما يسرنا.
٤ - الاستعانة بالصبر والتقوى أمام كيد أعداء الاسلام، لأن الصبر والتقوى يدفع الأعداء، لقوله: ﴿وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم﴾.
٥ - إحاطة الله سبحانه وتعالى بعمل هؤلاء في كل شيء، في العلم والتدبير وإحباط أعمالهم وتدميرهم، فالله محيط بهم من كل وجه، ولكن قد يتأذى المسلم بكيد هؤلاء ابتلاءا من الله، فيجب الوثوق بوعد الله تعالى وانتظار الفرج منه تعالى.
القرآن
﴿وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٢١)﴾ [آل عمران: ١٢١]
التفسير:
واذكر -أيها الرسول- حين خَرَجْتَ من بيتك لابسًا عُدَّة الحرب، تنظم صفوف أصحابك، وتُنْزِل كل واحد في منزله للقاء المشركين في غزوة «أُحُد». والله سميع لأقوالكم، عليم بأفعالكم.
في سبب نزول الآية: أخرج ابن أبي حاتم عن المسور بن مخرمة قال: "قلت لعبد الرحمن بن عوف: يا خالي أخبرني عن قصتكم يوم أحد فقال: اقرأ بعد العشرين ومائة من آل عمران تجد قصتنا: ﴿وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ﴾ إلى قوله: ﴿إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا﴾، قال: هم الذين طلبوا الأمان من المشركين" (١).
قوله تعالى: ﴿وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ﴾ [آل عمران: ١٢١]، " أي: اذكر يا محمد حين خرجت إلى أحد من عند أهلك" (٢).
قال مجاهد: " النبي ﷺ مشى يومئذ على رجليه يبوئ المؤمنين" (٣).
قال قتادة: " يوم أحد، غدا نبي الله ﷺ من أهله إلى أحد" (٤).
قال الزمخشري: " واذكر إذ غدوت من أهلك بالمدينة وهو غدوه إلى أحد من حجرة عائشة رضى الله عنها" (٥).
قوله تعالى: ﴿تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ﴾ [آل عمران: ١٢١]، أي: " تتخذ للمؤمنين معسكرًا وموضعًا لقتال عدوهم" (٦).
قال مقاتل: " يعني: توطن لهم مقاعد للقتال في الخندق قبل أن يستبقوا إليه ويستعدوا للقتال" (٧).
قال الزجاج: " روى أن النبي - ﷺ - رأى في منامه كان عليه درعا حصينة. فأولها المدينة، فأمر - ﷺ - المسلمين - حين أقبل إليهم المشركون بالإقامة بها إلى أن يوافيهم المشركون فتكون الحرب بها فذلك تبوئة المقاعد للقتال، وقال بعضهم معناه: مواطن للقتال، والمعنى واحد" (٨).
قال الماتريدي: " قيل: تهيئ للمؤمنين أمكنة القتال، وقيل: ﴿تبوئ﴾: تنزل المؤمنين، وقيل: ﴿تبوئ المؤمنين﴾: تتخذ للمؤمنين مقاعد لقتال المشركين، وقيل: ﴿تبوئ﴾: توطن، وقيل: تستعد للقتال، كله يرجع إلى واحد" (٩).
وفي قراءة عَبْد اللَّه: ﴿تبويء للمؤمنين مقاعد للقتال﴾، قال الفراء: " والعرب تفعل ذلك، فيقولون: ردفك وردف لك" (١٠).
(٢) صفوة التفاسير: ٢٠٧.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٠٦٧): ص ٣/ ٧٤٨.
(٤) أخرجه ابن المنذر (٨٦٢): ص ١/ ٣٥٧.
(٥) الكشاف: ١/ ٤٠٨.
(٦) تفسير الطبري: ٧/ ١٦٥.
(٧) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٢٩٨.
(٨) معاني القرآن: ١/ ٤٦٥.
(٩) تفسير الماتريدي: ٢/ ٤٦٦.
(١٠) معاني القرآن: ١/ ٢٣٣.