قوله تعالى: ﴿إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا﴾ [آل عمران: ١٢٢]، "أي: حين كادت طائفتان من جيش المسلمين أن تجبنا وتضعفا وهمتا بالرجوع" (١).
قال الواحدي: أي: " أَنْ تجبنا، وذلك أنَّ هؤلاء همُّوا بالانصراف عن الحرب فعصمهم الله" (٢).
قال الطبري: " همَّا أن يضعفا ويجبنا عن لقاء عدوّهما" (٣).
قال ابن عباس: " الفشل: الجبن" (٤).
وقال محمد بن إسحاق: " ﴿أن تفشلا﴾: أي أن يتخاذلا" (٥).
قال عكرمة: ": نزلت في بني سلِمة من الخزرج، وبني حارثة من الأوس، ورأسهم عبد الله بن أبيّ ابن سلول" (٦).
قال قتادة: " وذلك يوم أحد، والطائفتان: بنو سلِمة وبنو حارثة، حيان من الأنصار، همُّوا بأمر فعصمهم الله من ذلك، وقد ذكر لنا أنه لما أنزلت هذه الآية قالوا: ما يسرُّنا أنَّا لم نَهُمَّ بالذي هممنا به، وقد أخبرنا الله أنه ولينا" (٧).
أي: "لفرط الاستبشار بما حصل لهم من الشرف بثناء الله تعالى وإنزاله فيهم آية ناطقة بصحة الولاية. وإن تلك الهمة ما أخرجتهم عن ولاية الله تعالى" (٨).
وقال السدي: " خرج رسول الله ﷺ إلى أحد في ألف رجل، وقد وعدهم الفتحَ إن صبروا. فلما رجع عبد الله بن أبي ابن سلول في ثلاثمائة فتبعهم أبو جابر السلمي يدعوهم، فلما غلبوه وقالوا له: ما نعلم قتالا ولئن أطعتنا لترجعنَّ معنا وقال [الله عز وجل]: " إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا "، وهم بنو سلمة وبنو حارثة هموا بالرجوع حين رجع عبد الله بن أبي، فعصمهم الله، وبقى رسول الله ﷺ في سبعمئة" (٩).
وقال الحسن: " هما طائفتان من الأنصار همتا أن تفشلا فعصمهما الله، فهزم الله عدوهم" (١٠).
أخرج الطبري عن مجاهد في قول الله: " ﴿إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا﴾، قال: بنو حارثة، كانوا نحو أحُد، وبنو سلِمة نحو سَلْع، وذلك يوم الخندق" (١١).
قال الثعلبي: " ﴿إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا﴾: تجبنا وتضعفا وتتخلفا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم بنو أسامة من الخزرج، وبنو حارثة من الأوس، وكانا جناحي العسكر، وذلك أن رسول الله ﷺ خرج إلى أحد في ألف رجل، وقيل: تسعمائة وتسعين رجلا، وقال الزجاج: كان أصحاب رسول الله ﷺ في أحد وقت القتال ثلاثة آلاف، فخرج رسول الله ﷺ إلى أحد وقد وعد أصحابه الفتح إن صبروا، فلما بلغوا الشوط انخزل عبد الله بن أبي الخزرجي ثلث الناس فرجع في ثلاثمائة، وقال: علام نقتل أنفسنا وأولادنا؟ فتبعهم أبو جابر السلمي فقال: أنشدكم الله في نبيكم وفي أنفسكم. فقال عبد الله بن أبي: لو نعلم قتالا لاتبعناكم. وهمت بنو سلمة وبنو حارثة بالانصراف مع عبد الله بن أبي فعصمهم الله فلم ينصرفوا،

(١) صفوة التفاسير: ٢٠٧.
(٢) الوجيز: ٢٢٩.
(٣) تفسير الطبري: ٧/ ١٦٨.
(٤) أخرجه الطبري (٧٧٣١): ص ٧/ ١٦٨.
(٥) أخرجه ابن ابي حاتم (٤٠٧٦): ص ٣/ ٧٤٩.
(٦) أخرجه الطبري (٧٧٢٤): ص ٧/ ١٦٦ - ١٦٧.
(٧) أخرجه الطبري (٧٧٢١): ص ٧/ ١٦٦.
(٨) محاسن التأويل: ٢/ ٤٠٢.
(٩) أخرجه الطبري (٧٧٢٣): ص ٧/ ١٦٦ - ١٦٧.
(١٠) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٠٧٥): ص ٣/ ٧٤٩.
(١١) تفسير الطبري (٧٧٢٠): ص ٧/ ١٦٦.


الصفحة التالية
Icon