قوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [آل عمران: ١٢٣]، أي: " فاتقوا ربكم بطاعته واجتناب محارمه، لتشكروه على ما منَّ به عليكم من النصر" (١).
قال ابن إسحاق: " أي: فاتقون، فإنه شكر نعمتي" (٢).
قال ابن الجوزي: " أي لتكونوا من الشاكرين." (٣).
قال الرغب: " أمرهم بالتقوى المؤدية إلى شكرهم لها" (٤).
قال سفيان يعني ابن عيينة: على كل مسلم أن يشكر الله في نصره ببدر، يقول الله: ﴿ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون﴾ " (٥).
قال الثعلبي: " جميع ما غزا رسول الله ﷺ بنفسه ست وعشرون غزوة، فأول غزوة غزاها غزوة ودان، وهي غزوة الأبواء، ثم غزوة بواط إلى ناحية رضوى، ثم غزوة العشيرة من بطن ينبع، ثم غزوة بدر الأولى بطلب كرز بن جابر، ثم غزوة بدر الكبرى التي قتل الله فيها صناديد قريش، ثم غزوة بني سليم حتى بلغ الكدر ماء لبني سليم، ثم غزوة السويق يطلب أبا سفيان بن حرب حتى بلغ قرقرة الكدر، ثم غزوة ذي أمر وهي غزوة غطفان إلى نجد، ثم غزوة نجران: موضع بالحجاز فوق الفرع، ثم غزوة أحد ثم غزوة الأسد، ثم غزوة بني النضير، ثم غزوة ذات الرقاع من نجد، ثم غزوة بدر الأخيرة، ثم غزوة دومة الجندل، ثم غزوة الخندق، ثم غزوة بني قريظة، ثم غزوة بني لحيان، ثم غزوة بني قردة، ثم غزوة بني المصطلق من بني خزاعة لقي فيها، ثم غزوة الحديبية لا يريد قتالا فصده المشركون، ثم غزوة خيبر، ثم غزوة الفتح: فتح مكة، ثم غزوة حنين لقي فيها، ثم غزوة الطائف حاصر فيها، ثم غزوة تبوك.
قاتل منها في تسع غزوات: غزوة بدر الكبرى، وهو يوم الجمعة السابع عشر من شهر رمضان سنة اثنتين من الهجرة، وأحد في شوال سنة ثلاث، والخندق، وبني قريظة في شوال سنة أربع، وبني المصطلق، وبني لحيان في شعبان سنة خمس، وخيبر سنة ست، والفتح في رمضان سنة ثمان، وحنين في شوال سنة ثمان. فأول غزوة غزاها بنفسه وقاتل فيها بدر وآخرها تبوك" (٦).
الفوائد:
١ - امتنان الله سبحانه وتعالى على رسول الله-صلى الله عليه وسلم- وأصحابه بنصرهم في بدر، والنصر لهم للأمة إلى يوم القيامة.
٢ - أنه النصر لايكون بكثرة العدد وقوة العُدد، وإنما يكون من عند الله وحده.
٣ - أنه كلما كان الإنسان أذلّ كان أقرب إلى نصر الله. ، والعكس صحيح.
٤ - أنه من منّ الله عليه بنعمة كان ذلك موجبا لتقوى الله، لأن تقوى الله من الشكر لله.
القرآن
﴿إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ (١٢٤)﴾ [آل عمران: ١٢٤]
التفسير:
اذكر -أيها النبي- ما كان من أمر أصحابك في «بدر» حين شقَّ عليهم أن يأتي مَدَد للمشركين، فأوحينا إليك أن تقول لهم: ألن تكفيكم معونة ربكم بأن يمدكم بثلاثة آلاف من الملائكة مُنْزَلين من السماء إلى أرض المعركة، يثبتونكم، ويقاتلون معكم؟
في سبب نزول الآية أقوال:
(٢) أخرجه الطبري (٧٧٣٣): ص ٧/ ١٧٠.
(٣) زاد المسير: ١/ ٣٢٠.
(٤) تفسير الراغب الأصفهاني: ٢/ ٨٣٩.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٠٩١): ص ٣/ ٧٥١.
(٦) تفسير الثعلبي: ٣/ ١٤٠.