وقال في الخير ﴿أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ﴾ [الأنفال: ٩]، وقال: ﴿يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ﴾ [آل عمران: ١٢٥]، وقال: ﴿وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ﴾ [الإسراء: ٦] (١).
وفي قراءة أبي: " ﴿ألا يكفيكم أن يمدكم ربكم﴾، أي: يعطيكم ويعينكم" (٢).
قوله تعالى: ﴿مُنْزَلِينَ﴾ [آل عمران: ١٢٤]، أي: " منزلين لنصرتكم" (٣).
قال ابن عباس: " لم تُقاتل الملائكة في يوم من الأيام سوى يوم بدر، وكانوا يكونون فيما سواه من الأيام عَددًا ومَددًا لا يضربون" (٤).
وأخرج الطبري عن أبي داود المازني، وكان شهد بدرًا، قال: "إني لأتبعُ رجلا من المشركين يوم بدر لأضربه، إذ وقع رأسه قبل أن يصل إليه سيفي، فعرفت أن قد قتله غيري" (٥).
أخرج الطبري عن عن محمد بن إسحاق قال: "حدثني عبد الله بن أبي بكر: أنه حُدِّث عن ابن عباس: أن ابن عباس قال: حدثني رجل من بني غفار قال: أقبلت أنا وابن عمّ لي حتى أصعدنا في جبل يُشرف بنا على بدر، ونحن مشركان، ننتظر الوقعة، على من تكون الدَّبْرة فننتهِبُ مع من ينتهب. قال: فبينا نحن في الجبل، إذ دنت منا سحابة، فسمعنا فيها حمحمة الخيل، فسمعت قائلا يقول: أقدم حيزوم (٦). قال: فأما ابن عمي فانكشف قناع قلبه فمات مكانه، وأما أنا فكدت أهلك، ثم تماسكت" (٧).
وأخرج الطبري بسنده عن عكرمة مولى ابن عباس قال: "قال أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: كنت غلامًا للعباس بن عبد المطلب، وكان الإسلام قد دخلنا أهلَ البيت، فأسلم العباس وأسلمتْ أم الفضل وأسلمتُ. وكان العباس يهاب قومه ويكرَهُ أن يخالفهم، وكان يكتم إسلامه، وكان ذا مال كثير متفرق في قومه. وكان أبو لهب عدوّ الله قد تخلَّف عن بدر وبعث مكانه العاصى بن هشام بن المغيرة. وكذلك صنعوا، لم يتخلَّف رجل إلا بعث مكانه رجلا. فلما جاء الخبرُ عن مُصاب أصحاب بدر من قريش كبته الله وأخزاه، ووجدنا في أنفسنا قوة وعِزًّا. قال: وكنت رجلا ضعيفًا، وكنت أعمل القِداح أنحتها في حجرة زمزم، فوالله إني لجالس فيها أنحت القداح، وعندي أم الفضل جالسة، وقد سرَّنا ما جاءنا من الخبر، إذ أقبل الفاسق أبو لهب يجرُّ رجليه بشرٍّ حتى جلس على طُنُب الحجرة، فكان ظهره إلى ظهري. فبينا هو جالس إذ قال الناس: هذا أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب قد قدم! قال: قال أبو لهب: هلُمّ إليّ يا ابن أخي، فعندك الخبر! قال: فجلس إليه والناس قيام عليه، فقال: يا ابن أخي أخبرني، كيف كان أمرُ الناس؟ قال: لا شيء والله، إن كان إلا أن لقيناهم فمنحناهم أكتافنا يقتلوننا ويأسروننا كيف شاؤوا! وايم الله، مع ذلك ما لمتُ الناس، لقينا رجالا بيضًا على خيل بلق ما بين السماء والأرض ما تلِيق شيئًا، ولا يقوم لها شيء. قال أبو رافع: فرفعت طنب الحجرة بيدي ثم قلت: تلك الملائكة! " (٨).
وعن ابن عباس قال: "كان الذي أسر العباس أبا اليَسَر كعب بن عمرو أخو بني سلِمة، وكان أبو اليسر رَجلا مجموعًا، وكان العباس رجلا جسيما، فقال رسول الله ﷺ لأبي اليسر: " كيف أسرت العباس أبا اليسر؟ ! قال: يا رسول الله، لقد أعانني عليه رجلٌ ما رأيته قبل ذلك ولا بعده، هيئته كذا وكذا! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لقد أعانك عليه ملك كريم " (٩).
واختلف المفسرون في هذا الوعد: هل كان يوم بَدْر أو يوم أُحُد؟ على أقوال:
(٢) تفسير الثعلبي: ٣/ ١٤٣.
(٣) صفوة التفاسير: ٢٠٧.
(٤) أخرجه الطبري (٧٧٥٠): ص ٧/ ١٧٥.
(٥) أخرجه الطبري (٧٧٥١): ص ٧/ ١٧٥ - ١٧٦.
(٦) قوله: " أقدم " هي كلمة زجر تزجر بها الخيل، وأمر لها بالتقدم. وحيزوم: اسم فرس من خيل الملائكة يومئذ. ويقال هو فرس جبريل عليه السلام.
(٧) تفسير الطبري (٧٧٤٩): ص ٧/ ١٧٥.
(٨) أخرجه الطبري (٧٧٥٣): ص ٧/ ١٧٦ - ١٧٧.
(٩) أخرجه الطبري (٧٧٥٤): ص ٧/ ١٧٧.