بنبيهم! ! وهذا قول ابن عباس (١)، وأنس بن مالك (٢)، والحسن (٣)، وقتادة (٤)، وأبو جعفر (٥)، ومقسم (٦). ، والربيع (٧)، والكلبي (٨).
والثاني: أنها نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه دعا على قوم، فأنزل الله عز وجل: ليس الأمر إليك فيهم. وهذا قول أبي هريرة (٩)، وابن عمر (١٠)، والحارث بن هشام (١١)، وعكرمة (١٢)، وقتادة (١٣).
والثالث: نقل الثعلبي عن عبد الله بن مسعود: "أراد النبي ﷺ أن يدعوا على المدبرين عنه من أصحابه يوم أحد، وكان عثمان منهم، فنهاه الله عز وجل عن ذلك وتاب عليهم، فأنزل هذه الآية" (١٤).
والرابع: ونقل الثعلبي عن عبد الله بن الحسن، قال: " قال حمزة (١٥): اللهم إن لقينا هؤلاء غدا فإني أسألك أن يقتلوني ويبقروا بطني ويجدعوا أنفي وأذني، فتقول لي يوم القيامة: فيم فعل بك هذا؟ فأقول: فيك. فلما كان يوم أحد قتل فبقر بطنه وجدعت أذنه وأنفه، فقال رجل سمعه: أما هذا فقد أعطي في نفسه ما سأل في الدنيا، والله يعطيه ما سأل في الآخرة، قالوا: فلما رأى رسول الله ﷺ والمسلمون ما بأصحابهم من جدع الآذان والأنوف وقطع المذاكير، قالوا: لئن أدالنا الله عليهم لنفعلن بهم مثل ما فعلوا، ولنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب بأحد قط، فأنزل الله تعالى هذه الآية" (١٦).
والخامس: ونقل الثعلبي عن مقاتل: "نزلت هذه الآية في بئر معونة وهم سبعون رجلا من قراء أصحاب رسول الله ﷺ أميرهم المنذر بن عمرو، وبعثهم رسول الله ﷺ إلى بئر معونة في صفر سنة أربع من الهجرة على رأس أربعة أشهر من أحد، ليعلموا الناس القرآن والعلم، فقتلهم جميعا، عامر بن الطفيل، وكان فيهم عامر بن فهيرة مولى أبي بكر الصديق فلما قتل رفع بين السماء والأرض، فوجد رسول الله ﷺ من ذلك وجدا شديدا وحزن عليهم شهرا فنزلت ليس لك من الأمر شيء" (١٧).
قال ابن حجر: "الجمهور على أنها نزلت في الدعاء على المشركين" (١٨).
قوله تعالى: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ﴾ [آل عمران: ١٢٨]، " أي ليس لك يا محمد من أمر تدبير العباد شيء وإنما أمرهم إلى الله" (١٩).
قال محمد بن إسحاق: " أي: ليس لك من الحكم شيء في عبادي، إلا ما أمرتك به فيهم" (٢٠).
قال الطبري: " ليس إليك، يا محمد، من أمر خلقي إلا أن تنفذ فيهم أمري، وتنتهيَ فيهم إلى طاعتي، وإنما أمرهم إليّ والقضاء فيهم بيدي دون غيري، أقضى فيهم وأحكمُ بالذي أشاء" (٢١).

(١) انظر: تفسير الطبري (٧٨١٧): ص ٧/ ١٩٩.
(٢) انظر: تفسير الطبري (٧٨٠٥) - (٧٨٠٨): ص ٧/ ١٩٥ - ١٩٦.
(٣) انظر: تفسير الطبري (٧٨٠٩): ص ٧/ ١٩٦ - ١٩٧.
(٤) انظر: تفسير الطبري (٧٨١١): ص ٧/ ١٩٧.
(٥) انظر: تفسير الطبري (٧٨١٣): ص ٧/ ١٩٧ - ١٩٨.
(٦) انظر: تفسير الطبري (٧٨١٦): ص ٧/ ١٩٨ - ١٩٩.
(٧) انظر: تفسير الثعلبي: ٣/ ١٤٥.
(٨) انظر: تفسير الثعلبي: ٣/ ١٤٥.
(٩) انظر: تفسير الطبري (٧٨٢١): ص ٧/ ٢٠٢.
(١٠) انظر: تفسير الطبري (٧٨١٨): ص ٧/ ١٩٩.
(١١) انظر: تفسير الطبري (٧٨٢٠): ص ٧/ ٢٠١.
(١٢) انظر: تفسير الثعلبي: ٣/ ١٤٥.
(١٣) انظر: تفسير الثعلبي: ٣/ ١٤٥.
(١٤) تفسير الثعلبي: ٣/ ١٤٥.
(١٥) أي قبل حرب أحد.
(١٦) تفسير الثعلبي: ٣/ ١٤٦.
(١٧) تفسير الثعلبي: ٣/ ١٤٧.
(١٨) العجاب: ٢/ ٧٤٦.
(١٩) صفوة التفاسير: ٢٠٨.
(٢٠) أخرجه الطبري (٧٨٠٤): ص ٧/ ١٩٥.
(٢١) تفسير الطبري: ٧/ ١٩٤.


الصفحة التالية
Icon