روي عن مجاهد: " قوله: ﴿ويعذب من يشاء﴾ على الصغيرة" (١).
وروي عن الضحاك: " ﴿وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ﴾، على الذنب الصغير إذا أصرَّ على ذلك" (٢).
قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [آل عمران: ١٢٩]، أي: " والله غفور لذنوب عباده، رحيم بهم" (٣).
قال البيضاوي: يعني: " لعباده فلا تبادر إلى الدعاء عليهم" (٤).
قال ابن إسحاق: " أي يغفر الذنوب، ويرحم العباد، على ما فيهم" (٥).
قال الطبري: أي: " وهو الغفور الذي يستر ذنوب من أحب أن يستر عليه ذنوبه من خلقه بفضله عليهم بالعفو والصفح، والرحيم بهم في تركه عقوبتهم عاجلا على عظيم ما يأتون من المآثم" (٦).
قال الراغب: " بين بهذه الآية تحقيق ما قدمه بأنه هو المالك للكل، وله المشيئة في غفران من شاء وتعذيب من شاء" (٧).
الفوائد:
١ - بيان عموم ملك الله سبحانه وتعالى، لقوله: ﴿وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾، لأن ﴿ما﴾ من صيغ العموم.
٢ - أفاد تقديم الخبر في قوله: ﴿وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾، انفراد الله تعالى بملك السماوات والأرض.
٣ - إثبات تعدد السماوات، بأنها سبع سماوات، وأما الأرض فقد ذكر بصيغة الافراد والمراد الجنس فيشمل جميع الأرضين، وقد بينت السنة انها سبع.
٤ - إثبات المغفرة لله، وإثبات التعذيب، ويتفرغ من ذلك إثبات تمام سلطانه في ملكه، وأن الأمر له في التعذيب والمغفرة.
٥ - إثبات المشيئة، وهي مقرونة بالحكمة الإلهية في المغفرة والتعذيب.
٦ - إثبات الاسمين الكريمين من اسماء الله تعالى: الغفور الرحيم، وإثبات ما تضمناه من صفة وهي المغفرة والرحمة.
القرآن
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٣٠)﴾ [آل عمران: ١٣٠]
التفسير:
يا أيها الذين صدّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه احذروا الربا بجميع أنواعه، ولا تأخذوا في القرض زيادة على رؤوس أموالكم وإن قلَّت، فكيف إذا كانت هذه الزيادة تتضاعف كلما حان موعد سداد الدين؟ واتقوا الله بالتزام شرعه; لتفوزوا في الدنيا والآخرة.
في سبب نزول الآية:
أخرج الطبري عن عطاء: " كانت ثقيف تدَّاين في بني المغيرة في الجاهلية، فإذا حلّ الأجل قالوا: نزيدكم وتؤخِّرون؟ فنزلت: ﴿لا تأكلوا الربا أضعافًا مضاعفة﴾ " (٨). وروي عن مجاهد نحو ذلك (٩).
قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [آل عمران: ١٣٠]، أي: " يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله" (١٠).

(١) أخرجه ابن أبي حاتم (٤١٣٥): ص ٣/ ٧٥٨.
(٢) تفسير السمرقندي: ١/ ٢٤٥.
(٣) التفسير الميسر: ٦٦.
(٤) تفسير البيضاوي: ٢/ ٣٨.
(٥) أخرجه الطبري (٧٨٢٢): ص ٧/ ٢٠٣.
(٦) تفسير الطبري: ٧/ ٢٠٣.
(٧) تفسير الراغب الأصفهاني: ٣/ ٨٤٩.
(٨) تفسير الطبري (٧٨٢٣): ص ٧/ ٢٠٤.
(٩) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٤١٣٨): ص ٣/ ٧٥٩.
(١٠) تفسير الطبري: ٧/ ٢٠٤.


الصفحة التالية
Icon