قال الطبري: أي: " وأطيعوا الله، أيها المؤمنون، فيما نهاكم عنه من أكل الربا وغيره من الأشياء، وفيما أمركم به الرسول. يقول: وأطيعوا الرسول أيضًا كذلك" (١).
قوله تعالى: ﴿لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [آل عمران: ١٣٢]، أي: " لتكونوا من الأبرار الذين تنالهم رحمة الله" (٢).
قال سعيد بن جبير: " يعني: لكي ترحمون فلا تعذبون" (٣).
قال الطبري: " لترحموا فلا تعذبوا" (٤).
وقد أخرج الطبري: عن ابن إسحاق: ﴿وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون﴾، معاتبة للذين عصوْا رسوله حين أمرهم بالذي أمرهم به في ذلك اليوم وفي غيره - يعني: في يوم أحُد" (٥).
الفوائد:
١ - وجوب طاعة الله ورسوله، لقوله: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ﴾، لأن الأصل في الأمر الوجوب.
٢ - جواز اقتران اسم الرسول باسم الله في الأمر الذي يكون مشتركا بينهما، لقوله: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ﴾.
٣ - أن طاعة الله ورسوله سبب للرحمة، لقوله: :﴿لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾.
القرآن
﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (١٣٣)﴾ [آل عمران: ١٣٣]
التفسير:
وبادروا بطاعتكم لله ورسوله لاغتنام مغفرة عظيمة من ربكم وجنة واسعة، عرضها السموات والأرض، أعدها الله للمتقين.
في سبب نزول الآية:
أخرج الطبري بسنده عن عطاء بن أبى رباح: "أنهم قالوا: يا نبي الله، بنو إسرائيل أكرم على الله منا! كانوا إذا أذنب أحدهم أصبحت كفارة ذنبه مكتوبة في عتبة بابه: اجدع أذنك، اجدع أنفك، افعل! فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت: ﴿وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين﴾، إلى قوله: ﴿والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم﴾، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألا أخبركم بخير من ذلك "؟ فقرأ هؤلاء الآيات" (٦).
ونقله الثعلبي عن عطاء" (٧)، وروي عن ابن مسعود نحو ذلك (٨).
قوله تعالى: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [آل عمران: ١٣٣]، " أي: بادروا إِلى ما يوجب المغفرة بطاعة الله وامتثال أوامره" (٩).
قال الطبري: أي: " وبادروا وسابقوا إلى ما يستر عليكم ذنوبكم من رحمته، وما يغطيها عليكم من عفوه عن عقوبتكم عليها " (١٠).
عن سعيد: " ﴿وسارعوا﴾، يقول: سارعوا بالأعمال الصالحة" (١١)، " ﴿إلى مغفرة من ربكم﴾، قال: لذنوبكم" (١٢).
(٢) صفوة التفاسير: ٢٠٨.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم (٤١٥٣): ص ٣/ ٧٦١.
(٤) تفسير الطبري: ٧/ ٢٠٦.
(٥) تفسير الطبري (٧٨٢٩): ص ٧/ ٢٠٦ - ٢٠٧.
(٦) تفسير الطبري (٧٨٤٩): ص ٧/ ٢١٩.
(٧) تفسير الثعلبي: ٣/ ١٤٨.
(٨) انظر: تفسير الطبري (٧٨٥٠): ص ٧/ ٢١٩ - ٢٢٠.
(٩) صفوة التفاسير: ٢١٠.
(١٠) تفسير الطبري: ٧/ ١٠٨.
(١١) أخرجه ابن أبي حاتم (٤١٥٤): ص ٣/ ٧٦١.
(١٢) أخرجه ابن أبي حاتم (٤١٥٥): ص ٣/ ٧٦١.