ويشبّه في القرآن ويتبع ما تشابه، وإن النبي-صلى الله عليه وسلم- -إذا صحّ الحديث- أجابه على وجه يبهت فيه ولا يتكلم على مقتضى عقله، فقال: «أين الليل إذا جاء النهار» " (١).
قوله تعالى: ﴿أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [آل عمران: ١٣٣]، "أي هيئت للمتقين لله " (٢).
قال ابن إسحاق: " أي: دارًا لمن أطاعني وأطاع رسولي" (٣).
قال ابن كثير: " أي: كما أعدّت النار للكافرين" (٤).
قال الطبري: أي: " أعدها الله للمتقين، الذين اتقوا الله فأطاعوه فيما أمرهم ونهاهم، فلم يتعدوا حدوده، ولم يقصِّروا في واجب حقه عليهم فيضيِّعوه" (٥).
قال الزجاج: " أي لمن اتقى المحارم، وروي عن النبي - ﷺ - «أن بين مصراعي باب الجنة مسيرة أربعين عاما» (٦)، وليأتين عليه يوم يزدحم عليه الناس؛ كما تزدحم الإبل وردت خمصا. ظماء" (٧).
قال سعيد بن جبير: " ﴿أعدت للمتقين﴾، يعني: الذين يتقون الشرك" (٨).
الفوائد:
١ - الأمر بالمسارع إلى المغفرة والرحمة والجنة.
٢ - أن التخلية قبل التحلية، لأنه قال: ﴿إلى مغفرة من ربكم وجنة﴾، فبالمغفرة الزحزحة عن النار التي أوجبتها الذنوب، وبالجنة دخول الجنة.
٣ - أن المغفرة لاتكون إلا من الله.
٤ - بيان سعة الجنة.
٥ - أن الجنة موجودة الآن، لقوله: ﴿أعدت﴾، والإعداد: التهيئة.
القرآن
﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٣٤)﴾ [آل عمران: ١٣٤]
التفسير:
الذين ينفقون أموالهم في اليسر والعسر، والذين يمسكون ما في أنفسهم من الغيظ بالصبر، وإذا قَدَروا عَفَوا عمَّن ظلمهم. وهذا هو الإحسان الذي يحب الله أصحابه.
قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ﴾ [آل عمران: ١٣٤]، "أي: الذين يبذلون أموالهم في اليسر والعسر، وفي الشدة والرخاء" (٩).
قال ابن عباس: " يقول: في العسر واليسر" (١٠). وروي عن سعيد بن جبير مثل ذلك (١١).
(٢) صفوة التفاسير: ٢١٠.
(٣) أخرجه الطبري (٧٨٣٧): ص ٧/ ٢١٣.
(٤) تفسير ابن كثير: ٢/ ١١٧.
(٥) تفسير الطبري: ٧/ ٢١٣.
(٦) أخرجه أحمد ٤/ ١٧٤، ومسلم "٢٩٦٧" "١٤" في الزهد والرقائق في أوله، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" ٧/ ٢٣٤، والطبراني في "الكبير" ١٧/ ٢٨٠، والمزي في "تهذيب الكمال" ٨/ ١٤٥ - ١٤٦ في ترجمة خالد بن عمير، من طريق سليمان بن المغيرة.
وأخرجه أحمد ٤/ ١٧٤ و ٥/ ٦١، ومسلم "٢٩٦٧" "١٥"، والطبراني ١٧/"٢٨١" و "٢٨٢"، والحاكم ٣/ ٢٦١ من طرق عن حميد بن هلال، به مختصراً ومطولاً.
وأخرجه ابن ماجة "٤١٥٦" في الزهد: باب معيشة أصحاب، وابن حبان في حصيحه: (٧١٢١): ص ١٦/ ٥٩.
(٧) معاني القرآن: ١/ ٤٦٩.
(٨) أخرجه ابن أبي حاتم (٤١٥٩): ص ٣/ ٧٦٢.
(٩) صفوة التفاسير: ٢١٠.
(١٠) أخرجه الطبري (٧٨٣٨): ص ٧/ ٢١٤.
(١١) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٤١٦٣) - (٤١٦٤): ص ٣/ ٧٦٢ - ٧٦٣.