٥ - إثبات المحبة لله تعالى.
٦ - الحث على الإحسان، لأن الله يحب الإحسان والمحسنين، والشأن كل الشأن ان يحبك الله، نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أحبابه.
القرآن
﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٣٥)﴾ [آل عمران: ١٣٥]
التفسير:
والذين إذا ارتكبوا ذنبًا كبيرًا أو ظلموا أنفسهم بارتكاب ما دونه، ذكروا وعد الله ووعيده فلجأوا إلى ربهم تائبين، يطلبون منه أن يغفر لهم ذنوبهم، وهم موقنون أنه لا يغفر الذنوب إلا الله، فهم لذلك لا يقيمون على معصية، وهم يعلمون أنهم إن تابوا تاب الله عليهم.
في سبب نزول الآية أقوال:
أحدها: نقل الثعلبي عن عطاء: " نزلت هذه الآية في نبهان التمار وكنيته أبو مقبل أتته امرأة حسناء تبتاع منه تمرا فقال لها: إن هذا التمر ليس بجيد وفي البيت أجود منه فهل لك فيه؟ قالت: نعم، فذهب بها إلى بيته فضمها إلى نفسه وقبلها، فقالت له: اتق الله، فتركها وندم على ذلك فأتى النبي ﷺ وذكر له ذلك فنزلت هذه الآية" (١).
والثاني: ونقل الثعلبي أيضا عن مقاتل والكلبي: "آخا رسول الله ﷺ بين رجلين أحدهما من الأنصار والآخر من ثقيف، فخرج الثقفي في غزاة واستخلف الأنصاري على أهله، فاشترى لهم اللحم ذات يوم، فلما أرادت المرأة أن تأخذه منه دخل على أثرها فدخلت المرأة بيتا فتبعها فاتقته بيدها، فقبل يدها ثم ندم وانصرف، فقالت له: والله ما حفظت غيبة أخيك ولا نلت حاجتك، فخرج الأنصاري ووضع التراب على رأسه وهام على وجهه، فلما رجع الثقفي لم يستقبله الأنصاري فسأل امرأته عن حاله.
فقالت: لا أكثر الله في الاخوان مثله ووصفت له الحال، والأنصاري يسيح في الجبال تائبا مستغفرا، وطلبه الثقفي حتى وجده، فأتى به أبا بكر -رضي الله عنه- رجاء أن يجدا راحة عنده فخرجا، وقال الأنصاري: هلكت، قال: وما أهلكك؟ فذكر له القصة، فقال أبو بكر:
ويحك أما علمت أن الله تعالى يغار للغازي ما لا يغار للمقيم، ثم لقى عمر -رضي الله عنه- فقال: مثل ذلك، فأتيا النبي ﷺ فقال له مثل مقالتهما، فأنزل الله تعالى: ﴿والذين إذا فعلوا فاحشة﴾ " (٢).
ونقله الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، وفي الأخير: " فقال عمر: يا رسول الله ﷺ أخاص هذا به أم للناس عامة؟ قال: «بل للناس عامة في التوبة» " (٣).
والثالث: وقال مقاتل: " وذلك أن رجلا خرج غازيا وخلف رجلا في أهله وولده، فعرض له الشيطان في أهله، فهوى المرأة فكان منه ما ندم، فأتى أبا بكر الصديق- رضي الله عنه- فقال: هلكت. قال: وما هلاك. قال: ما من شيء يناله الرجل من المرأة إلا وقد نلته غير الجماع فقال أبو بكر- رضى الله عنه-: ويحك أما علمت أن الله- عز وجل- يغار للغازي ما لا يغار للقاعد، ثم لقي عمر- رضي الله عنه- فأخبره. فقال له مثل مقالة أبي بكر- رضي الله عنه- ثم أتى النبي- صلى الله عليه وسلم- فقال له، مثل مقالتهما فأنزل الله- عز وجل- فيه ﴿والذين إذا فعلوا فاحشة﴾ " (٤).
قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً﴾ [آل عمران: ١٣٥]، أي: والذين إذا ارتكبوا ذنباً قبيحاً كالكبائر" (٥).
قال الزمخشري: أي: " فعلة متزايدة القبح" (٦).

(١) تفسير الثعلبي: ٣/ ١٦٨. قال ابن حجر: " وهو من رواية موسى بن عبد الرحمن الصنعاني وهو كذاب، المشهور في هذه القصة نزول ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾ وسيأتي في تفسير هود". [العجاب: ٣/ ٧٥٥ - ٧٥٦].
(٢) تفسير الثعلبي: ٣/ ١٦٨.
(٣) انظر: العجاب: ٢/ ٧٥٧.
(٤) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٠١ - ٣٠٢.
(٥) صفوة التفاسير: ٢١٠.
(٦) الكشاف: ١/ ٤١٦.


الصفحة التالية
Icon