قال السعدي: " أي: دلالة ظاهرة، تبين للناس الحق من الباطل، وأهل السعادة من أهل الشقاوة، وهو الإشارة إلى ما أوقع الله بالمكذبين" (١).
قال المراغي: " وذلك يدحض ما وقع للمشركين والمنافقين من الشبهة بنحو قولهم لو كان محمد رسولا حقا لما غلب فى وقعة أحد، فهذا الهدى والبيان يرشد إلى أن سنن الله حاكمة على الأنبياء والرسل كما هى حاكمة على سائر خلقه، فما من قائد يخالفه جنده، ويتركون حماية الثّغر الذي يؤتون من قبله، ويخلون بين عدوهم وبين ظهورهم، والعدو مشرف عليهم، إلا كان جيشه عرضة للانكسار إذا كر العدو عليه- قطع خط الرجعة- ولا سيما إذا كان بعد فشل وتنازع، ومن ثم كان هذا البيان لجميع الناس، كلّ على قدر استعداده للفهم وقبول الحجة" (٢).
قوله تعالى: ﴿وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [آل عمران: ١٣٨]، أي: " وهدى وموعظة للمتقين منهم خاصة" (٣).
قال الصابوني: " أي وهداية لطريق الرشاد وموعظة وذكرى للمتقين خاصة، وإِنما خصّ المتقين بالذكر لأنهم هم المنتفعون به دون سائر الناس" (٤).
قال عامر الشعبي: " هدى من الضلالة، وموعظة من الجهل " (٥).
قال محمد بن إسحاق: " أي " نور وأدب للمتقين "، ﴿للمتقين﴾ " لمن أطاعني، وعرف أمري" (٦).
عن عباد بن منصور قال: "سألت الحسن عن قوله: ﴿وهدى﴾، قال: هو القرآن" (٧).
وعن السدي: " قوله: ﴿هدى﴾، قال: نور" (٨).
وعن سعيد بن جبير: ﴿وهدى﴾، يعني: تبيان" (٩).
وعن ابن عباس: ﴿وموعظة للمتقين﴾، الذين من بعدهم إلى يوم القيامة" (١٠).
وقال أبو العالية وقتادة: " موعظة للمتقين خاصة" (١١).
وعن الحسن: ﴿وموعظة للمتقين﴾، يعدهم فيتقوا نعمة الله ويحذونها" (١٢).
وروي عن عطية والسدي قالا: "لأمة محمد ﷺ (١٣).
قال المراغي: " وأما كونه هدى وموعظة للمتقين خاصة، فلأنهم هم الذين يهتدون بمثل هذه الحقائق، ويتعظون بما ينطبق عليها من الوقائع، فيستقيمون ويسيرون على النهج السوىّ، ويتجنبون نتائج الإهمال التي تظهر لهم مضرة عاقبتها، فالمؤمن حقا هو الذي يهتدى بهدى الكتاب ويسترشد بمواعظه كما قال: «ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ» فالقرآن يهدينا فى مسائل الحرب والتنازع مع غيرنا إلى أن نروز أنفسنا ونعرف كنه استعدادنا لنكون على بصيرة من حقنا فنسير على سنن الله فى طلبه وفى حفظه، وأن نعرف كذلك حال خصمنا ونضع الميزان بيننا وبينه، وإلا كنا غير مهتدين ولا متعظين" (١٤).
الفوائد:
١ - أن القرآن بيان للناس في كل شيء، فهو عام من حيث التبيين وعام من حيث المبيّن له.
٢ - أن القرآن صالح لهداية المؤمن والكافر، لقوله: ﴿للناس﴾.
(٢) أيسر التفاسير: ١/ ٣٨١.
(٣) تفسير المراغي: ٤/ ٧٧.
(٤) صفوة التفاسير: ٢١١.
(٥) أخرجه ابن المنذر (٩٤٥): ص ١/ ٣٩٠.
(٦) أخرجه ابن المنذر (٩٤٨): ص ١/ ٣٩٠.
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٢١١): ص ٣/ ٧٦٩.
(٨) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٢١٢): ص ٣/ ٧٧٠.
(٩) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٢١٣): ص ٣/ ٧٧٠.
(١٠) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٢١٥): ص ٣/ ٧٧٠.
(١١) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٢١٦): ص ٣/ ٧٧٠.
(١٢) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٢١٨): ص ٣/ ٧٧٠.
(١٣) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٢١٨): ص ٣/ ٧٧٠.
(١٤) تفسير المراغي: ٤/ ٧٨.