٣ - أنه علم للمتقين، يعني لا ينتفع به إلا المتقون.
٤ - أن من لم يتعظ بالقرآن فليتهم نفسه، لقوله: ﴿وموعظة للمتقين﴾.
٥ - فضيلة التقوى، وأنها سبب للاهتداء والاتعاظ بالقرآن، وكلما ازداد الإنسان تقوى ازداد هدى وموعظة.
القرآن
﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٣٩)﴾ [آل عمران: ١٣٩]
التفسير:
ولا تضْعُفوا -أيها المؤمنون- عن قتال عدوكم، ولا تحزنوا لما أصابكم في «أُحد»، وأنتم الغالبون والعاقبة لكم، إن كنتم مصدقين بالله ورسوله متَّبعين شرعه.
في سبب نزول الآية وجهان:
أحدهما: أخرج الطبري عن الزهري قال: كثر في أصحاب محمد ﷺ القتلُ والجراح، حتى خلص إلى كل امرئ منهم البأسُ، فأنزل الله عز وجل القرآن، فآسَى فيه المؤمنين بأحسن ما آسى به قومًا من المسلمين كانوا قبلهم من الأمم الماضية، فقال: ﴿ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنم مؤمنين﴾ إلى قوله: ﴿لبرز الذين كُتب عليهم القتلُ إلى مضاجعهم﴾ (١) " (٢).
والثاني: أخرج الطبري عن ابن جريج: ": انهزم أصحاب رسول الله ﷺ في الشِّعب، فقالوا: ما فعل فلان؟ ما فعل فلان؟ فنعى بعضهم بعضًا، وتحدَّثوا أن رسول الله ﷺ قد قتل، فكانوا في همّ وحزَن. فبينما هم كذلك، إذ علا خالد بن الوليد الجبلَ بخيل المشركين فوقهم، وهم أسفلُ في الشِّعب. فلما رأوا النبيّ ﷺ فرحوا، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم لا قوة لنا إلا بك، وليس يعبدك بهذه البلدة غير هؤلاء النفر!. قال: وثاب نفرٌ من المسلمين رُماة، فصعدوا فرموا خيل المشركين حتى هزمهم الله، وعلا المسلمون الجبلَ. فذلك قوله: ﴿وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين﴾ " (٣).
والثالث: أخرج الطبري عن ابن عباس قال: "أقبل خالد بن الوليد يريد أن يعلو عليهم الجبل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم لا يعلُون علينا. فأنزل الله عز وجل: ﴿ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين﴾ " (٤).
قوله تعالى: ﴿وَلَا تَهِنُوا﴾ [آل عمران: ١٣٩]، أي: " ولا تضعفوا بالذي نالكم من عدوكم بأحد، من القتل والقروح" (٥).
قال مجاهد (٦)، والربيع بن أنس (٧)، ومحمد بن إسحاق (٨)، ومقاتل بن حيان (٩): " ولا تضعفوا" (١٠).
قال ابن جريج: " ولا تضعفوا في أمر عدوكم" (١١).
قال الحسن: " يأمر محمدًا، يقول: ولا تهنوا، أن تمضوا في سبيل الله" (١٢).
قال ابن كثير: " ثم قال مسليا للمؤمنين: ﴿وَلا تَهِنُوا﴾، أي: لا تَضعفوا بسبب ما جرى" (١٣).
قوله تعالى: ﴿وَلَا تَحْزَنُوا﴾ [آل عمران: ١٣٩]، أي: " ولا تأسوْا فتجزعوا على ما أصابكم من المصيبة يومئذ" (١٤).

(١) لآية: (١٥٤)، يعني: نزل خمس عشرة آية.
(٢) تفسير الطبري (٧٨٨٤): ص ٧/ ٢٣٤.
(٣) تفسير الطبري (٧٨٩٠): ص ٧/ ٢٣٥.
(٤) تفسير الطبري (٧٨٩٢): ص ٧/ ٢٣٦.
(٥) تفسير الطبري: ٧/ ٢٣٣.
(٦) أخرجه الطبري (٧٨٨٧): ٧/ ٢٣٤، وابن أبي حاتم (٤٢١٩): ص ٣/ ٧٧٠.
(٧) أخرجه الطبري (٧٨٨٩): ٧/ ٢٣٥، وابن أبي حاتم (٤٢١٩): ص ٣/ ٧٧٠.
(٨) أخرجه الطبري (٧٨٩١): ٧/ ٢٣٥.
(٩) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٢١٩): ص ٣/ ٧٧٠.
(١٠) أخرجه الطبري (٧٨٨٧)، و (٧٨٨٩)، و (٧٨٩١): ص ٧/ ٢٣٤ - ٢٣٥.
(١١) أخرجه الطبري (٧٨٩٠): ص ٧/ ٢٣٥.
(١٢) أخرجه الطبري (٧٨٨٦): ص ٧/ ٢٣٤.
(١٣) تفسير ابن كثير: ٢/ ١٢٦.
(١٤) تفسير الطبري: ٧/ ٢٣٣.


الصفحة التالية
Icon