قال الزجاج: " أي: نجعل الدولة في وقت من الأوقات للكافرين على المؤمنين إذا عصوا فيما يؤمرون به، من محاربة الكفار، فأما إذا أطاعوا فهم منصورون أبدا، كما قال الله - عز وجل: ﴿أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [المجادلة: ٢٢] " (١).
قال ابن كثير: "أي: نُديل عليكم الأعداء تارة، وإن كانت العاقبة لكم لما لنا في ذلك من الحكم" (٢).
قال الطبري: أي: " أيام بدر وأحُد، ويعني بقوله: ﴿نداولها بين الناس﴾، نجعلها دُوَلا بين الناس مصرَّفة. ويعني بـ ﴿الناس﴾، المسلمين والمشركين، وذلك أن الله عز وجل أدال المسلمين من المشركين ببدر، فقتلوا منهم سبعين وأسروا سبعين. وأدال المشركين من المسلمين بأحُد، فقتلوا منهم سبعين، سوى من جرحوا منهم" (٣).
قال المراغي: " أي إن مداولة الأيام سنة من سنن الله فى المجتمع البشرى، فمرة تكون الدولة للمبطل، وأخرى للمحق، ولكن العاقبة دائما لمن اتبع الحق، وإنما تكون الدولة لمن عرف أسباب النجاح ورعاها حق رعايتها كالاتفاق وعدم التنازع والثبات وصحة النظر وقوة العزيمة، وأخذ الأهبة وإعداد ما يستطاع من القوة" (٤).
قال الزمخشري: " والمراد بالأيام: أوقات الظفر والغلبة، نداولها: نصرفها بين الناس نديل تارة لهؤلاء وتارة لهؤلاء، كقوله وهو من أبيات الكتاب (٥):
فيوما علينا ويوما لنا... ويوما نساء ويوما نسر
ومن أمثال العرب: الحرب سجال" (٦).
قال ابن عباس: " أدال المشركين على النبي ﷺ يوم أحد" (٧). وفي رواية أخرى له: " فإنه كان يوم أحُد بيوم بدر، قُتل المؤمنون يومَ أحد، اتخذ الله منهم شهداء، وغلب رسول الله ﷺ يوم بدر المشركين، فجعل له الدولة عليهم" (٨)
قال الحسن: " جعل الله الأيام دولا أدال الكفار يوم أحُد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم" (٩).
قال قتادة: " إنه والله لولا الدُّوَل ما أوذي المؤمنون، ولكن قد يُدال للكافر من المؤمن، ويبتلى المؤمن بالكافر" (١٠).
قال الربيع: " فأظهر الله عز وجل نبيه ﷺ وأصحابه على المشركين يوم بدر، وأظهر عليهم عدوَّهم يوم أحُد. وقد يدال الكافر من المؤمن، ويبتلى المؤمن بالكافر... وأما من ابتلى منهم من المسلمين يوم أحد، فكان عقوبة بمعصيتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم" (١١).
قال السدي: " ﴿وتلك الأيام نداولها بين الناس﴾، يومًا لكم، ويومًا عليكم" (١٢).
قال الماتريدي: " تحتمل الآية وجوها: يوما للمؤمنين ويوما عليهم، وذلك أن الأمر بمجاهدة العدو والقتال معهم محنة من الله - تعالى - إياهم يمتحنهم ويبتليهم؛ مرة بالظفر لهم والنصر على عدوهم، ومرة بالظفر للعدو عليهم؛ كقوله - عز وجل -: (ونبلوكم بالشر والخير فتنة)، وكقوله: (وبلوناهم بالحسنات والسيئات)، يمتحن عباده، بجميع أنواع المحن، بالخير مرة، وبالشر ثانيا.
(٢) تفسير ابن كثير: ٢/ ١٢٧.
(٣) تفسير الطبري (٧/ ٢٣٩.
(٤) تفسير المراغي: ٤/ ٧٩.
(٥) البيت لنمر بن تولب، انظر: نهاية الارب في فنون الأدب: ٣/ ٦٧.
(٦) الكشاف: ١/ ٤١٩.
(٧) أخرجه الطبري (٧٩٠٦): ص ٧/ ٢٤٠.
(٨) أخرجه الطبري (٧٩٠٧): ص ٧/ ٢٤٠.
(٩) أخرجه الطبري (٧٩٠٢): ص ٧/ ٢٣٩.
(١٠) أخرجه الطبري (٧٩٠٣): ص ٧/ ٢٣٩.
(١١) أخرجه الطبري (٧٩٠٤): ص ٧/ ٢٣٩ - ٢٤٠.
(١٢) أ×رجه الطبري (٧٩٠٥): ص ٧/ ٢٤٠.