٣ - أن الكافر مآله المحق.
٤ - أن الله تعالى له التدبير الكامل في عباده، لقوله: ﴿وليمحّص﴾، فإن هذا الفعل كان فيه خير للمؤمنين وشر للكافرين.
القرآن
﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (١٤٢)﴾ [آل عمران: ١٤٢]
التفسير:
يا أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- أظننتم أن تدخلوا الجنة، ولم تُبْتَلوا بالقتال والشدائد؟ لا يحصل لكم دخولها حتى تُبْتلوا، ويعلم الله علما ظاهرا للخلق المجاهدين منكم في سبيله، والصابرين على مقاومة الأعداء.
في سبب نزول الآية:
قال مقاتل بن سليمان: " وذلك أن المنافقين قالوا للمؤمنين يوم أحد بعد الهزيمة: لم تقتلون أنفسكم، وتهلكون أموالكم، فإن محمدا لو كان نبيا لم يسلط عليه القتل. قال المؤمنون: بلى من قتل منا دخل الجنة. فقال المنافقون: لم تمنون أنفسكم الباطل، فأنزل الله- تعالى-: ﴿أم حسبتم﴾، معشر المؤمنين ﴿أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله﴾ " (١). وأخرج الطبري نحوه عن الضحاك (٢).
قوله تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ﴾ [آل عمران: ١٤٢]، "} أي: أحسبتم أن تدخلوا الجنة ولم تُبْتَلوا بالقتال والشدائد" (٣).
قال محمد بن إسحاق: " أم حسبتم أن تدخلوا الجنة وتصيبوا من ثواب الكرامة" (٤).
قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾ [آل عمران: ١٤٢]، " أي: ولما تجاهدوا في سبيله فيعلم الله جهادكم وصبركم على الشدائد؟ " (٥).
قال محمد بن إسحاق: " يقول: لم أختبركم بالشدة وأبتليكم بالمكاره، حتى أعلم صدق ذلك منكم الإيمان بي، والصبر على ما أصابكم في" (٦).
قال ابن كثير: " أي: لا يحصل لكم دخول الجنة حتى تُبْتَلَوا ويرى الله منكم المجاهدين في سبيله والصابرين على مقارنة الأعداء" (٧).
قال الزجاج: " المعنى ولما يقع العلم بالجهاد والعلم بصبر الصابرين، ولما يعلم الله ذلك واقعا منهم. لأنه - جل وعز -يعلمه غيبا، وإنما يجازيهم على عملهم" (٨).
قال الأخفش: " فان قال قائل: "ولما يعلم الله الصابرين" ﴿ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم﴾ فهو لم يعلمهم؟ قلت بل قد علم، ولكن هذا فيما يذكر أهل التأويل ليبين للناس، كأنه قال "ليعلمه الناس" كما قال ﴿لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا﴾ وهو قد علم ولكن ليبين ذلك" (٩).
وقرأ الحسن: ﴿ويعلم الصابرين﴾، بالكسر على العطف، ومن، قرأ ﴿ويعلم الصابرين﴾ فعلى النصب بالواو (١٠).
الفوائد:
١ - بيان أن التمني رأس مال المفاليس.
(٢) انظر: تفسير الطبري (٧٩١٦): ص ٧/ ٢٤٣ - ٢٤٤.
(٣) تفسير ابن كثير: ٢/ ١٢٧.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٢٥٠): ص ٣/ ٧٧٥.
(٥) صفوة التفاسير: ٢١١.
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٢٥١)، و (٤٢٥٢): ص ٣/ ٧٧٥ - ٧٧٦.
(٧) تفسير ابن كثير: ٢/ ١٢٧.
(٨) معاني القرآن: ١/ ٤٧٢.
(٩) معاني القرآن: ١/ ٧٠.
(١٠) انظر: معاني القرآن للزجاج: ١/ ٤٧٢.