٢ - أن الجنة لاتدرك بالتمني.
٣ - أن الجنة غالية لكون ثمنها غاليا، وذلك ببذل النفوس في طاعة الله والجهاد لإعلاء كلمته. ، والجنة رخيصة لأن هذا الأمر يسير جدا على من سهل له الله ووفقه.
٤ - ان الله تعالى يمتحن العبد بما يدل على صبره أو ضجره.
٥ - أن جزاء الله سواء كان عقوبة أو مثوبة لابد أن يسبقه ما يمتحن فيه العبد.
٦ - أن علم الله عزّ وجل الأزلي لايترتب عليه الثواب والعقاب، وإنما يترتب الثواب والعقاب على علم الله المقرون بالفعل، الذي يكون علما بالشيء بعد وجوده.
٧ - أن الجهاد سبب لدخول الجنة، ولافرق بين الجهاد بالسلام والجهاد بالعلم.
٨ - أن الصبر درجة عالية وأنه سبب لدخول الجنة.
القرآن
﴿وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (١٤٣)﴾ [آل عمران: ١٤٣]
التفسير:
ولقد كنتم -أيها المؤمنون- قبل غزوة «أُحد» تتمنون لقاء العدو; لتنالوا شرف الجهاد والاستشهاد في سبيل الله الذي حَظِي به إخوانكم في غزوة «بدر»، فها هو ذا قد حصل لكم الذي تمنيتموه وطلبتموه، فدونكم فقاتلوا وصابروا.
في سبب نزول الآية وجهان:
أحدهما: أخرج الطبري عن عكرمة: " إن أناسًا من المؤمنين لم يشهدوا يوم بدر والذي أعطاهم الله من الفضل، فكانوا يتمنون أن يروا قتالا فيقاتلوا، فسيق إليهم القتال حتى كان بناحية المدينة يوم أحد، فأنزل الله عز وجل: ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه، الآية" (١).
والثاني: قال مقاتل: " وذلك حين أخبر الله- عز وجل- عن قتلى بدر وما هم فيه من الخير. قالوا: يا نبي الله أرنا يوما كيوم بدر. فأراهم الله- عز وجل- يوم أحد فانهزموا فعاتبهم الله- عز وجل- فقال- سبحانه-: ﴿ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه﴾ " (٢).
والثالث: قال الحسن: " بلغني أن رجالا من أصحاب النبي ﷺ كانوا يقولون: لئن لقينا مع النبي ﷺ لنفعلن ولنفعلن، فابتلوا بذلك، فلا والله ما كلُّهم صَدق الله، فأنزل الله عز وجل: ﴿ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون﴾ " (٣).
والرابع: وقيل: سببه أن قوما سألوا النبي - ﷺ - أن يأذن لهم أن يأتوا المشركين في رحالهم ويقاتلوهم، فقال - ﷺ -: "لم أؤمر بذلك " (٤).
قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ﴾ [آل عمران: ١٤٣]، " أي: ولقد كنتم تتمنون لقاء الأعداء لتحظوا بالشهادة، من قبل أن تذوقوا شدّته" (٥).
قال الطبري: أي: " ولقد كنتم، يا معشر أصحاب محمد تمنون القتال" (٦).
قال محمد بن إسحاق: " أي: لقد كنتم تمنون الشهادة على الذي أنتم عليه من الحق قبل أن تلقوا عدوكم يعني الذين استنهضوا رسول الله ﷺ على خروجه بهم إلى عدوهم، لما فاتهم من الحضور في اليوم الذي كان قبله ببدر، رغبة في الشهادة التي قد فاتتهم به " (٧).
قال قتادة: ": كانوا يتمنون أن يلقوا المشركين فيقاتلوهم، فلما لقوهم يوم أحد ولّوا" (٨).

(١) تفسير الطبري (٧٩٣٤): ص ٧/ ٢٤٩.
(٢) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٠٤.
(٣) أخرجه الطبري (٧٩٣٥): ص ٧/ ٢٤٩ - ٢٥٠.
(٤) تفسير الراغب الأصفهاني: ٣/ ٨٨٩.
(٥) صفوة التفاسير: ٢١١ - ٢١٢.
(٦) تفسير الطبري: ٧/ ٢٤٨.
(٧) أخرجه الطبري (٧٩٣٧): ص ٧/ ٢٥٠.
(٨) أخرجه الطبري (٧٩٣٣): ص ٧/ ٢٤٩.


الصفحة التالية
Icon