قال مقاتل: " يقول: ومن يرجع إلى الشرك بعد الإيمان ﴿فلن يضر الله شيئا﴾ بارتداده من الإيمان إلى الشرك إنما يضر بذلك نفسه" (١).
قال محمد بن إسحاق: " أي [ومن] يرجع عن دينه، [فـ] لن ينقص ذلك عن الله، ولا ملكه، ولا سلطانه، ولا قدرته" (٢).
قال المراغي: " أي: ومن يرجع عن جهاده ومكافحته الأعداء فلن يضر الله شيئا بما فعل، بل يضر نفسه بتعريضها للسخط والعذاب، وحرمانها من الثواب، فالله قد وعد بنصر من ينصره ويعزّ دينه، ويجعل كلمته هى العليا، وهو لا محالة منجز وعده" (٣).
قوله تعالى: ﴿وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ﴾ [آل عمران: ١٤٤]، "أي: وسيثيب الله المطيعين، وهم الذين ثبتوا ولم ينقلبوا" (٤).
قال محمد بن إسحاق: " أي: من أطاعه، وعمل بأمره" (٥).
قال مقاتل: " يعني: الموحدين لله في الآخرة" (٦).
قال ابن أبي زمنين: " يعني: المؤمنين يجزيهم بالجنة" (٧).
قال الواحدي: أي: " الطَّائعين لله من المهاجرين والأنصار" (٨).
قال البيضاوي: أي: الشاكرين" على نعمة الإسلام بالثبات عليه كأنس وأضرابه" (٩).
قال ابن كثير: "أي: الذين قاموا بطاعته وقاتلوا عن دينه، واتبعوا رسوله حيا وميتا" (١٠).
قال أبو السعود: أي: " وسيجزي الله "الثابتين على دين الإسلام، سموا بـ ﴿الشاكرين﴾، لأن الثبات عليه شكر له وعرفان لحقه وفيه إيماء إلى كفران المنقلبين" (١١).
قال المراغي: " وفى الآية إرشاد إلى أن المصايب التي تحل بالإنسان لا مدخل لها فى كونه على حق أو باطل، فكثيرا ما يبتلى صاحب الحق بالمصائب والرزايا، وصاحب الباطل بالنعم والعطايا.
وفيها إيماء إلى أنا لا نعتمد فى معرفة الحق والخير على وجود المعلّم بحيث نتركهما عند موته، بل نسير على منهاجهما حين وجوده وبعد موته.
والخلاصة- إن الله أوجب علينا أن نستضىء بالنور الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، أما ما يصيب جسمه من جرح أو ألم، وما يعرض له من حياة أو موت، فلا مدخل له فى صحة دعوته، ولا فى إضعاف النور الذي جاء به، فإنما هو بشر مثلكم خاضع لسنن الله كخضوعكم" (١٢).
أخرج البخاري بسنده عن عن عُقيل عن ابن شهاب، عن أبي سَلَمة؛ "أن عائشة، رضي الله عنها، أخبرته أن أبا بكر، رضي الله عنه، أقبل على فَرَس من مَسْكنه بالسَّنْح حتى نزل فدخل المسجد، فلم يُكلم الناس حتى دخل على عائشة فتيمَّم رَسُول الله ﷺ وهو مُغَشى بثوب حبرة، فكشف عن وجهه ﷺ ثم أكب عليه وقَبَّله وبكى، ثم قال: بأبي أنت وأمي. والله لا يجمع الله عليك موْتَتَين؛ أما الموتة التي كُتبت عليك فقد مُتَّها.

(١) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٠٥.
(٢) أخرجه ابن المنذر (١٠٠٤): ص ١/ ٤١٧.
(٣) تفسير المراغي: ٤/ ٨٨.
(٤) صفوة التفاسير: ٢١٢.
(٥) أخرجه ابن المنذر (١٠٠٤): ص ١/ ٤١٧.
(٦) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٠٥.
(٧) تفسير ابن أبي زمنين: ١/ ٣٢٢.
(٨) الوجيز: ٢٣٥.
(٩) تفسير البيضاوي: ٢/ ٤١.
(١٠) تفسير ابن كثير: ٢/ ١٢٨.
(١١) تفسير أبي السعود: ٢/ ٩٤.
(١٢) تفسير المراغي: ٤/ ٨٩.


الصفحة التالية
Icon