١ - التحذير الشديد من طاعة الكفار وولايتهم، فهم أعداء الإسلام مهما ألانوا القول وزخرفوه.
٢ - إثبات الولاية لله عزّ وجل للمؤمنين، وهي ولاية خاصة بالمؤمنين، ومنه قوله: ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ [البقرة: ٢٥٧].
٣ - أن الله تعالى ناصر لأوليائه.
القرآن
﴿سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ (١٥١)﴾ [آل عمران: ١٥١]
التفسير:
سنقذف في قلوب الذين كفروا أشدَّ الفزع والخوف بسبب إشراكهم بالله آلهة مزعومة، ليس لهم دليل أو برهان على استحقاقها للعبادة مع الله، فحالتهم في الدنيا: رعب وهلع من المؤمنين، أما مكانهم في الآخرة الذي يأوون إليه فهو النار; وذلك بسبب ظلمهم وعدوانهم، وساء هذا المقام مقامًا لهم.
في سبب نزول الآية:
أخرج الطبري بسنده عن السدي، قال: "لما ارتحل أبو سفيان والمشركون يوم أحد متوجِّهين نحو مكة، انطلق أبو سفيان حتى بلغ بعض الطريق. ثم إنهم ندموا فقالوا: بئس ما صنعتم، إنكم قتلتموهم، حتى إذا لم يبق إلا الشريد تركتموهم! ارجعوا فاستأصلوهم! فقذف الله عز وجل في قلوبهم الرعب، فانهزموا. فلقوا أعرابيًّا، فجعلوا له جُعْلا وقالوا له: إن لقيت محمدًا فأخبره بما قد جمعنا لهم. فأخبر الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم، فطلبهم حتى بلغ حمراء الأسد، فأنزل الله عز وجل في ذلك، فذكر أبا سفيان حين أراد أن يرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وما قُذف في قلبه من الرعب فقال: ﴿سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله﴾ " (١). وذكر مقاتل نحوه (٢).
قوله تعالى: ﴿سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ﴾ [آل عمران: ١٥١]، " أي: سنقذف في قلوب الذين كفروا الخوف والفزع" (٣).
قال الواحدي: أي: " الخوف حتى لا يرجعوا إليكم" (٤).
قال الثعلبي: " أي: سنقذف، في قلوب الذين كفروا الرعب الخوف" (٥).
قال ابن كثير: " ثم بشرهم بأنه سَيُلقي في قلوب أعدائهم الخوف منهم والذلة لهم، بسبب كفرهم وشركهم" (٦).
قال ابن إسحاق: " فإني سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب الذي كنت أنصركم عليهم" (٧).
قال ابن عباس: " قذف الله في قلب أبي سفيان فرجع إلى مكة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن أبا سفيان قد أصاب منكم طرفا وقد رجع وقذف الله في قلبه الرعب" (٨).
قرأ أيوب السختياني: ﴿سيلقي﴾، بالياء، يعني الله عز وجل، لقوله: ﴿بل الله مولاكم﴾، وقرأ الباقون: ﴿سنلقي﴾، بالنون على التعظيم (٩).
وقد ثبت في الصحيحين عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ مِنْ الأنْبِيَاءِ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِي الأرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، وَأُحِلَّتْ لِي الْغَنَائِمُ، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَة وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً" (١٠).
(٢) انظر: تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٠٦.
(٣) صفوة التفاسير: ٢١٥.
(٤) الوجيز: ٢٣٧.
(٥) تفسير الثعلبي: ٣/ ١٨٣.
(٦) تفسير ابن كثير: ٢/ ١٣٢.
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٣١٧): ص ٣/ ٧٨٥.
(٨) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٣١٦): ص ٣/ ٧٨٥.
(٩) انظر: تفسير الثعلبي: ٣/ ١٨٣.
(١٠) صحيح البخاري برقم (٣٣٥) وصحيح مسلم برقم (٥٢١).