قوله تعالى: ﴿وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ﴾ [النساء: ٧٥]، أي: " وفي سبيل خلاص المستضعفين من إِخوانكم الذين صدَّهم المشركون عن الهجرة فبقوا مستذلين مستضعفين" (١).
قال الزجاج: " أي: ما لكم لا تسعون في خلاص هؤلاء؟ " (٢).
قال الحسن: "يعني: وعن المستضعفين من أهل مكة من المسلمين" (٣).
قال ابن زيد: ": وما لكم لا تفعلون؟ تقاتلون لهؤلاء الضعفاء المساكين" (٤).
قال مجاهد: " أمر المؤمنين أن يقاتلوا عن مستضعفين مؤمنين كانوا بمكة" (٥).
عن ابن عباس: قوله " ﴿والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان﴾، فهم أناس مسلمون كانوا بمكة لم يستطيعوا أن يخرجوا منها فيهاجروا، فعذرهم الله، فهم أولئك" (٦). وروي عن عطاء نحو ذلك (٧).
وقال ابن عباس ايضا: " كنت أنا وأمي من المستضعفين" (٨). وفي حديث ابن أبي عمر زيادة: " ﴿من الرجال والنساء والولدان﴾، فأنا من ﴿الولدان﴾، وأمي من ﴿النساء﴾ " (٩).
قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا﴾ [النساء: ٧٥]، " أي: الذين يدعون ربهم لكشف الضُرّ عنهم قائلين: ربنا أخرجنا من هذه القرية -وهي مكة- التي ظَلَم أهلها أنفسهم بالكفر والمؤمنين بالأذى" (١٠).
قال ابن زيد: "الذين يدعون الله أن يخرجهم من هذه القرية الظالم أهلها، فهم ليس لهم قوة، فما لكم لا تقاتلون حتى يسلم الله هؤلاء ودينهم؟ و ﴿القرية الظالم أهلها﴾، مكة" (١١).
و﴿الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا﴾، هي مكة. وهذا قول عائشة-رضي الله عنها- (١٢)، وابن عباس من رواية ابن عطية عن أبيه (١٣)، ومجاهد (١٤)، والسدي (١٥). وهو قول جميع المفسرين (١٦).
قوله تعالى: ﴿وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا﴾ [النساء: ٧٥]، أي: " واجعل لنا من عندك وليّاً يتولى أمورنا، ونصيرًا ينصرنا على الظالمين" (١٧).
قال الزجاج: " أي: تولنا بنصرك وخلصنا من أهل مكة الظالم أهلها" (١٨).
عن الربيع بن أنس: " ﴿من لدنك﴾، من عندك" (١٩). وروي عن السدي مثل ذلك (٢٠).
عن مجاهد وعكرمة: " ﴿واجعل لنا من لدنك نصيرا﴾، قالا: حجة ثابتة" (٢١).
قال الثعلبي: " أجاب الله دعاءهم. فلما فتح رسول الله ﷺ مكة جعل الله لهم النبي وليا فاستعمل عليها عتاب بن أسيد، فجعله الله لهم نصيرا وكان ينصف للضعيف من الشديد فنصرهم الله به وأعانهم وكانوا أعز بها من الظلمة قبل ذلك" (٢٢).
الفوائد:
(٢) معاني القرآن: ٢/ ٧٧.
(٣) تفسير ابن ابي زمنين: ١/ ٣٨٧.
(٤) أخرجه الطبري (٩٩٥٠): ص ٨/ ٥٤٥ - ٥٤٦.
(٥) أخرجه ابن ابي حاتم (٥٦١٠): ص ٣/ ١٠٠٢.
(٦) أخرجه ابن ابي حاتم (٥٦١٢): ص ٣/ ١٠٠٢.
(٧) انظر: تفسير ابن ابي حاتم (٥٦١٢): ص ٣/ ١٠٠٢.
(٨) أخرجه ابن ابي حاتم (٥٦١١): ص ٣/ ١٠٠٢.
(٩) أخرجه ابن ابي حاتم (٥٦١١): ص ٣/ ١٠٠٢.
(١٠) انظر: صفوة التفاسير: ٢٦٦، والتفسير الميسر: ٩٠.
(١١) أخرجه الطبري (٩٩٥٠): ص ٨/ ٥٤٥ - ٥٤٦.
(١٢) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٥٦١٤): ص ٣/ ١٠٠٢.
(١٣) انظر: تفسير الطبري (٩٩٤٧): ص ٨/ ٥٤٤.
(١٤) انظر: تفسير الطبري (٩٩٤٥): ص ٨/ ٥٤٤.
(١٥) انظر: تفسير الطبري (٩٩٤٦): ص ٨/ ٥٤٤.
(١٦) انظر: النكت والعيون: ١/ ٥٠٦، معاني القرآن: ٢/ ٧٧.
(١٧) التفسير الميسر: ٩٠.
(١٨) معاني القرآن: ٢/ ٧٧.
(١٩) أخرجه ابن أبي حاتم (٥٦١٦): ص ٣/ ١٠٠٣.
(٢٠) انظر: ابن أبي حاتم (٥٦١٦): ص ٣/ ١٠٠٣.
(٢١) أخرجه ابن أبي حاتم (٥٦١٦): ص ٣/ ١٠٠٣.
(٢٢) تفسير الثعلبي: ٣/ ٣٤٥.