١ - أن الإيمان اسم للخاص من العبادات لا للكل (١)، ودليله أن الله تعالى عاتبهم على صنيعهم ذلك وأعظم الوعيد في ذلك ولم يزل عنهم اسم الإيمان.
٢ - ان ردّ الاعتداء هو من اسباب القتال في الإسلام، وأن القرآن شرع القتال للدفاع عن المستضعفين في الأرض، بل حرض أبلغ التحريض على القتال ذوداً عن حرماتهم، ودرءاً للظلم عنهم، قال تعالى: ﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَان﴾، أي: وكيف تقعدون عن القتال في سبيل الله واستنقاذ هؤلاء المستضعفين من الرجال والنساء والولدان؟.
٣ - أهمية الدعاء، وأنه سلاح المؤمن، عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدعاء: سلاح المؤمن، وعماد الدين، ونور السموات والأرض» (٢).
قال الثعلبي: " وفي هذه الآية دليل على إبطال قول من زعم أن العبد لا يستفيد بالدعاء معنى، لأن الله تعالى حكى عنهم إنهم دعوه وأجابهم وآتاهم ما سألوه ولولا أنه أجابهم إلى دعائهم لما كان لذكر دعائهم معنى" (٣).
٤ - يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه الناصر والنصير، وأنَّ النصر بيده، كما يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه وَلِيُّ الذين آمنوا ومولاهم.
القرآن
﴿الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (٧٦)﴾ [النساء: ٧٦]
التفسير:
الذين صدَقُوا في إيمانهم اعتقادًا وعملا يجاهدون في سبيل نصرة الحق وأهله، والذين كفروا يقاتلون في سبيل البغي والفساد في الأرض، فقاتلوا أيها المؤمنون أهل الكفر والشرك الذين يتولَّون الشيطان، ويطيعون أمره، إن تدبير الشيطان لأوليائه كان ضعيفًا.
قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [النساء: ٧٦]،
قال ابن كثير: " أي: المؤمنون يقاتلون في طاعة الله ورضوانه" (٤).
قال الطبري: أي: " الذين صدقوا الله ورسوله، وأيقنوا بموعود الله لأهل الإيمان به ﴿يقاتلون﴾ في طاعة الله ومنهاج دينه وشريعته التي شرعها لعباده" (٥).
قال مقاتل: " ﴿في سبيل الله﴾، يعني: طاعة الله" (٦).
قال ابن عباس: "يريد في طاعة الله " (٧).
قال الواحدي: "وتأويل ذلك أنها تُؤدي إلى ثواب الله في جنته التي أعدها لأوليائه، فلذلك سُميت طاعة الله: سبيل الله.
وقيل: معنى ﴿في سَبِيلِ اللَّهِ﴾: في دين الله الذي شرعه ليؤدي إلى ثوابه ورحمته، فيكون التقدير على هذا: في نصرة دين الله" (٨).
قال التستري: " قال: المؤمنون خصماء الله على أنفسهم" (٩).
قال الراغب: " المقاتل في سبيل الله يتناول المحارب بالسيف والمدافع عن الدين بالقول، والمنازع لهوى النفس ولوساوس الشيطان، ونبه أن من قاتل في سبيل الله فهو وليه" (١٠).

(١) انظر: التوحيد للماتريدي: ٣٧٩.
(٢) أخرجه الحاكم (١/ ٤٩٢)، وابن عدي في «الكامل» (٦/ ٢١٨١)، وأبو يعلى (١/ ٣٤٤) رقم (٤٣٩) وقال الحاكم: هذا حديث صحيح، ووافقه الذهبي، والحديث ذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (١٠/ ١٥٠)، وقال: رواه أبو يعلى، وفيه محمد بن الحسن بن أبي يزيد، وهو متروك.
(٣) تفسير الثعلبي: ٣/ ٣٤٥.
(٤) تفسير ابن كثير: ٢/ ٣٥٨.
(٥) تفسير الطبري: ٨/ ٥٤٦.
(٦) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٨٩.
(٧) ذكره الواحدي في التفسير البسيط/٦/ ٦٠٣. ولم اقف عليه، وغير منسوب في بحر العلوم: ١/ ٣٦٨، وتفسير القرطبي: ٥/ ٢٨٠.
(٨) التفسير البسيط للواحدي: ٦/ ٦٠٣.
(٩) تفسير التستري: ٥٤.
(١٠) تفسير الراغب الاصفهاني: ٣/ ١٣٢٥ - ١٣٢٦.


الصفحة التالية
Icon