قال السدي: "لو سكتوا، وردوا الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم" (١)، " ﴿وإلى أولي الأمر منهم﴾ يقول: إلى أميرهم حتى يتكلم هو به" (٢).
وقال قتادة: ﴿وإلى أولي الأمر منهم﴾، يقول: إلى علمائهم" (٣). وروي عن خصيف نحو ذلك (٤).
قوله تعالى: ﴿لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ [النساء: ٨٣]، "أي: لَعَلِمَ حقيقة معناه أهل الاستنباط منهم" (٥).
قال ابن عباس: " يقول: أعلنوه، وتجسسوه منهم" (٦).
وقال عكرمة: "يحرصون عليه ويسألون عنه" (٧).
وقال ابن عبيدة والقتيبي: "يخرجونه" (٨).
وقال أبو العالية وعطاء الخراساني: " الذين يتتبعونه ويتجسسونه" (٩).
قال عمر بن الخطاب: " فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر، فأنزل الله آية التخيير" (١٠).
وعن مجاهد: قوله: " ﴿لعلمه الذين يستنبطونه منهم﴾، قولهم ماذا كان؟ وما سمعتم؟ " (١١).
عن السدي قوله: لعلمه الذين يستنبطونه منهم على الأخبار، وهم الذين ينقرون عن الأخبار" (١٢).
وروي عن قتادة أنه قال: "يفحصون" (١٣).
قال الزجاج: " أي: لعلمه هؤلاء الذين أذاعوا به من ضعفة المسلمين من النبي - ﷺ - وذوي العلم، وكانوا يعلمون مع ذلك هل ينبغي أن يذاع أو لا يذاع" (١٤).
قال الزمخشري: أي: " لعلم تدبير ما أخبروا به الذين يستنبطونه الذين يستخرجون تدبيره بفطنهم وتجاربهم ومعرفتهم بأمور الحرب ومكايدها. وقيل: كانوا يقفون من رسول الله ﷺ وأولى الأمر على أمن ووثوق بالظهور على بعض الأعداء، أو على خوف واستشعار، فيذيعونه فينتشر فيبلغ الأعداء، فتعود إذاعتهم مفسدة. ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الأمر وفوضوه إليهم وكانوا كأن لم يسمعوا، لعلم الذين يستنبطون تدبيره كيف يدبرونه وما يأتون ويذرون فيه. وقيل: كانوا يسمعون من أفواه المنافقين شيئا من الخبر عن السرايا مظنونا غير معلوم الصحة فيذيعونه، فيعود ذلك وبالأعلى المؤمنين. ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الأمر وقالوا نسكت حتى نسمعه منهم ونعلم هل هو مما يذاع أو لا يذاع، لعلمه الذين يستنبطونه منهم، لعلم صحته وهل هو مما يذاع أو لا يذاع هؤلاء المذيعون، وهم الذين يستنبطونه من الرسول وأولى الأمر، أى يتلقونه منهم ويستخرجون علمه من جهتهم" (١٥).
ومعنى ﴿يستنبطونه﴾ في اللغة: " يستخرجونه، وأصله من النبط وهو الماء الذي يخرج من البئر في أول ما يحفر، يقال من ذلك: قد أنبط فلان في غضراء، أي استنبط الماء من طين حر. والنبط إنما سموا نبطا لاستنباطهم ما يخرج من الأرضين" (١٦).
وقرئ: ﴿لعلمه﴾، بإسكان اللام (١٧).
قوله تعالى: ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [النساء: ٨٣]، أي: " ولولا أنْ تَفَضَّلَ الله عليكم ورحمكم لاتبعتم الشيطان ووساوسه إلا قليلا منكم" (١٨).

(١) أخرجه ابن أبي حاتم (٥٦٨٧): ص ٣/ ١٠١٥.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم (٥٦٨٨): ص ٣/ ١٠١٥.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم (٥٦٠٩): ص ٣/ ١٠١٥.
(٤) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٥٦٠٩): ص ٣/ ١٠١٥.
(٥) انظر: صفوة التفاسير: ٢٦٨، والتفسير الميسر: ٩١.
(٦) أخرجه ابن ابي حاتم (٥٦٩٢): ص ٣/ ١٠١٦.
(٧) تفسير الثعلبي: ٣/ ٣٥١.
(٨) تفسير الثعلبي: ٣/ ٣٥١.
(٩) أخرجه ابن ابي حاتم (٥٦٩٣): ص ٣/ ١٠١٦.
(١٠) أخرجه ابن ابي حاتم (٥٦٩١): ص ٣/ ١٠١٥.
(١١) أخرجه ابن ابي حاتم (٥٦٩٤): ص ٣/ ١٠١٦.
(١٢) أخرجه ابن ابي حاتم (٥٦٩٥): ص ٣/ ١٠١٦.
(١٣) أخرجه ابن ابي حاتم (٥٦٩٥): ص ٣/ ١٠١٦.
(١٤) معاني القرآن: ٢/ ٨٣.
(١٥) الكشاف: ١/ ٥٤١.
(١٦) معاني القرآن للزجاج: ٢/ ٨٣.
(١٧) انظر: الكشاف: ١/ ٥٤١.
(١٨) التفسير الميسر/٩١.


الصفحة التالية
Icon